الأداء. نصّ عليه في (الأم)، وهذا اختيار أبي حامد. وقال القاضي الطبري: هذا خلاف نصّ الشافعي؛ لأنه قال: ولو صلّى في يوم غيم ثّم بان أنه صلّى بعد الوقت أجزأه، وإن لم يكن نوى الفائتة. وهذا قال في الأسير: إذا تحرى صوم رمضان فبان أنه صام شوالًا أجزأه، ولم ينِو القضاء، وكذلك لو اعتقد 58 أ/ 2 أن وقت الصلاة فات فنوى القضاء، ثم بان أن الوقت ما فات أجزأه فبان أن نية القضاء والأداء لا تجب.
ويمكن أن يجاب عن هذا فنقول: ههنا نوى صلاة وقت بعينه، وهو ظهر هذا اليوم، فكيف وقعت أجزأته سواًء وقعت أداًء؛ أو قضاًء، لأنه غير وقت وجوبها وجرى مجرى من نوى صلاة أمس تجزئه، وإن لم ينِو القضاء، وإنما يتصور الخلاف فيمن كانت عليه فائتة الظهر، فصلّى في وقت الظهر ينوي صلاة الظهر الفريضة، فإن هذه الصلاة تقع بحكم الوقت، فإن نسي أنه صلاها، فصلّى ثانيًا ينوي صلاة الظهر الفريضة على ما ذكره أبو حاحد لا تجزئه عن القضاء، وتقع نافلًة وعلى ما قاله القاضي تجزيه، ويلزمه أن يقول فيمن صلّى الظهر قبل الوقت معتقدًا أن الوقت قد دخل ولم يكن قد دخل أنها ُتجزئه عن فائتة الظهر. وفي هذا نظٌر، لأنه إذا اعتقد دخول الوقت فقد عين ظهر ذلك اليوم، فلا يلزمه هذا.
وأما من صلّى في غير وقت الظهر ونوى الظهر الفريضة، وهو عالم بالوقت، فلا بدّ أن يكون عالمًا بسبب الوجوب، وهو فوات الظهر في وقتها فقد تضمنت نيته القضاء ومثل ما صورناه في الصلاة لا يتصور في الصوم، لأنه لا يقضيه إلا في غير زمانه، فإذا نواه عن رمضان فقد تضمن نية القضاء، ووجه قول أبي حامد أنه لم ينِو بهذه الصلاة الظهر التي تركها، فلا تجزئه كما لو لم ينو الظهر. ووجه القول الآخر أنه أتي في قضائها ما كان لزمه في الأداء فأجزأه، كسائر الأفعال ذكره صاحب (الشامل)، وما قاله القاضي أصح عندي، وإن كان يصّلي جماعة فنية الإقتداء شرط ليحوز فضيلة الجماعة، وكذلك نية الإمامة شرط إن أراد حيازة فضيلة الجماعة.
فَرْعٌ
إذا لم ينِو الجماعة هل تصح صلاته منفردًا؟ فيه وجهان! 58 ب/ 2
أحدهما: يصحّ لأنه أتى بجميع أركانها.
والثاني: لا يصحّ لأنه ينتظر في أركانها من ليس بإماٍم له فيبطلها.
فَرْعٌ آخرُ
إذا لم ينِو الإمامة، هل تكون صلاته جماعة؟ وجهان:
أحدهما: لا تكون.
والثاني: تكون، لأن سبب الفضيلة اجتماع القوم على العبادة، ولهذا تزداد الفضيلة بزيادة الجماعة، وإن لم يكن للإمام ولا لأحد المأمومين قصد فيه تظهر فائدته إذا لم ينِو الإمامة في صلاة الجمعة، فإن قلنا: صلاته جماعة تصحّ جمعته، وإن قلنا: صلاته انفراد لا تصحّ جمعته.