وقد روى الشعبي عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى إذا أطال الرجل الغيبة أن يطرق أهله ليلاً.
فلما نهى الزوج الذي قد ألفها وألفته على أن يطرقها ليلاً ولم تتأهب له, لأن لا يصادفها على حال تنفر منها نفسه فالزوج الذي لم يألفها ولم تألفه ولم يعرفها ولم تعرفه أولى بالنهي.
وأكثر مدة إنظارها ثلاثة أيام؛ لن لها في الشرع أصلاً وأنها أكثر القليل وأقل الكثير وهذا منصوص الشافعي هاهنا وفي كتاب "الأم" وقال في "الإملاء": "لا تمهل" وليس هذا مخالفًا لما قاله هاهنا, وفي الأم, وإما أراد أنها لا تمهل أكثر من ثلاثة أيام ردًا على مالك في جواز إمهالها السنة.
فصل:
وإن كانت صغيرة فعلى ضربين:
أحدهما: أن يمكن الاستمتاع بمثلها لأنها ابنة تسع أو عشر قد قاربت البلوغ وأمكن استمتاع الزوج بها فهي كالكبيرة لها أن يطالبه وليها بمهرها وعليها تسليم نفسها.
والثاني: أن لا يمكن الاستمتاع بمثلها لأنها ابنة ست أو سبع بحسب حالها فرب صغيرة السن يمكن الاستمتاع بها ورب كبيرة السن لا يمكن الاستمتاع بها فلذلك لم يجده سن مقدرة وإذا كان الاستمتاع بها غير ممكن لم يلزم تسليمها إليه ولم يلزمه تسليم الصداق إليها.
فإن طلب تسليمها إليه ليقوم بحضانتها لم يلزم إليه أيضًا لأنه لا حق له في حضنتها وإنما حقه في الاستمتاع الذي لم يخلق فيها فيستحقه الزوج منها ولأن لا يؤمن أن تغلبه الشهوة على مواقعتها فربما أفضى إلى تلفها ونكايتها.
فلو سأله وليخا وهي صغيرة أن يتسلمها لم يلزمه لأن ما استحقه من الاستمتاع بها لم يخلق فيها ولأنها تحتاج إلى تربية وحضانة لا يلزمه القيام بها ولأنه يلتزم لها نفقة لا يقابلها الاستمتاع والله أعلم.
مسألة:
قَالَ الشَّافَعَيُّ: "وَالصَّدَاقُ كَالدَّينِ سَوَاءٌ".
قال في الحاوي: وهذا صحيح لأنه مال ثبت في الذمة بعقد فكان دينًا كالأثمان ومراد الشافعي بأنه كالدين في لزوم الدين وأنه قد يكون حالاً تارة