والثاني: أن الحاكم ينصب لهما أمينًا ويأمر الزوج بتسليم الصداق إليه فإذا تسلمه أمر الزوجة بتسليم نفسها إلى الزوج فإذا سلمت نفسها سلم الأمين الصداق إليها لأن الحاكم موضوع لقطع التنازع وفعل الأحوط في استيفاء الحقوق وهذا أحوط الأمور فيها وأقطع للتنازع بينهما.
وهذان القولان في تنازع المتبايعين في التسليم وفي البيع قول ثالث: أنه يجبر البائع على تسليم السلعة ويجبر المشتري على تسليم الثمن.
ولا يجيء تخريج هذا القول الثالث في تنازع الزوجين لأن المشتري يمكن أن يحجر عليه في السلعة حتى يسترجع منه إن امتنع من التسليم الثمن ولا يمكن إذا سلمت الزوجة نفسها أن يمنع منها وربما استهلك بضعها بالدخول قبل تسليم صداقها.
فصل:
فإذا تقرر القولان في تنازع الزوجين فإذا قيل بالقول الأول أنه لا يجبر واحد منهما فلا نفقة للزوجة في مدة امتناعها من تمكين الزوج لأن الزوج على هذا القول لا يلزمه تعجيل الصداق. فصارت ممتنعة بما لا يستحق تعجيله فجرى عليها حكم النشوز في سقوط النفقة.
وإذا قيل بالقول الثاني: أن الحاكم يجبر الزوج على تسليم الصداق إلى أمين ينصبه لهما فلها النفقة في مدة امتناعها من تمكينه إلى أن يدفع الصداق إلى الأمين لأنها ممتنعة بحق يجب لها تعجيله فإذا صار الصداق مع الأمين كان امتناعها بعد ذلك سقطًا لنفقتها لأنها ممتنعة بغير حق.
مسألة:
قَالَ الشَّافعيُّ: "وَإن كَانَت نِضوًا أُجبِرَت عَلَى الدُّخُولِ إلَّا أن يَكونَ مِن مَرَضٍ لا يُجَامِعُ فِيهِ مِثلُهَا فَتُمهَلُ".
قال في الحاوي: أما النضوة الخلق فهي الدقيقة العظم القليلة اللحم فإذا كانت المرأة نضوة الخلق فلها حالتان:
إحداهما: أن يكون ذلك خلقة لا يرجى زواله فعليها تسليم نفسها كغيرها من النساء وللزوج أن يستمتع بها بحسب طاقتها ولا ينكأها في نفسها ويؤذيها في بدنها.
وقد كانت عائشة رضي الله عنها خفيفة اللحم ولخفة لحمها رفع هودجها في غزوة المريسيع وقد خرجت منه للحاجة فلم يعلم خروجها منه حتى أدركها صفوان بن المعطل فحملها.
وكان من شلن الإفك أن أنزل الله تعالى فيه من القرآن ما أنزل فلم تمنع ضؤولتها