فصل:
فإذا تقرر أن في الإفضاء الدية مع المهر فإنما يجب فيه الدية إذا لم يلتحم الحاجز على حاله منخرقًا فأما إن التحم وعاد إلى حاله حاجزًا بين المخرجين فلا دية فيه وفيه حكومة لأنه جانٍ عليه وليس بمستهلك له ولهذا قال الشافعي: ولو أفضاها فلم تلتئم فعليه ديتها فدل على أن التئامه يمنع وجوب ديتها وإذا كان كذلك فالدية إذا وجبت فيه فهي إن عمد ففي حالة وإن أخطأ فعلى عاقلته ثم هو ممنوع من وطئها حتى يندمل جرحها ويبرأ الفرج الذي لا يضرها جماعة فيمكن حينئذٍ جماعها فلو ادعى برأها واندمالها ليطأها وقالت: بل أنا على مرضي لم أبرأ منه ولم يندمل وأنكر ما قالت فالقول قولها مع يمينها ويمنع من وطئها لأمرين:
أحدهما: أن مرضها متيقن وبرئها مظنون.
والثاني: أنه مغيب يمكن صدقها فيه فجرى مجرى الحيض ثم لها النفقة وإن كان ممنوعًا منها كالمريضة, والله أعلم.
مسألة:
قَالَ الشَافِعِيُّ: "فَإن دَخَلَت عَلَيهِ فَلم يَمسَّهَا حَتَّى طَلَقَهَا فَلَهَا نِصفُ المَهرِ لِقَول الله تَعَالى: {وإن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} البقرة: 237 فَإنِ احتَجَ مُحتَجٍ بِالأثَرُ عَن عُمَر رضي الله عنه في إغلَاقُ البَابِ وَإرخَاءِ السَّترِ أَنَهُ يُوجِبُ المَهرَ فَمِن قَولِ عُمَرَ مَا ذَنبُهُنَ لو جَاءَ بِالعَجزِ مِن قِبَلُكم؟ فَأخبَرَ أنَّهُ يَجِبُ إذا حَلَّت بَينَهُ وبَينَ نَفسِهَا كَوُجُوبِ الثَّمَنِ بِالقَبضِ وَإن لم يُغلِق بَابًا ولم يرُخِ سِترًا".
قال في الحاوي: وصورتها أن يطلق الرجل زوجته المسمى لها صدقًا معلومًا فلا يخلو حال طلاقه من ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يكون قبل الدخول بها وقبل الخلوة وليس لها من المهر إلا نصفه وملك الزوج نصفه لقوله تعالى: {وإن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} البقرة: 237.
والثاني: أن يطلقها بعد الدخول يوطء تام تغيب به الحشفة فقد استقر لها جميع المهر الذي كانت مالكة له بالعقد لقوله تعالى: {وكَيْفَ تَاخُذُونَهُ وقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إلَى بَعْضٍ} النساء: 21.
وهذا القسمان متفق عليهما.
والثالث: أن يطلقها بعد الخلوة بها وقبل الإصابة لها فقد اختلف الفقهاء فيه على ثلاثة مذاهب: