ومن القياس: أن النكاح عقد على منفعة فوجب أن بكون التمكين من الن=منفعة بمنزلة استيفائها في استقرار بدلها كالإجازة ولأن التسليم المستحق بالعقد قد وجد من جهتها فوجب أن يستقر العوض لها أصله: إذا وطئها.
ولأن المهر في مقابلة الإصابة كما أن النفقة في مقابلة الاستمتاع ثم ثبت أن التمكين من الاستمتاع في استقرار النفقة فوجب أن يكون التمكين من الإصابة بمنزلة الإصابة في استقرار المهر.
والدليل على أن الخلوة لا تتعلق بها حكم في كمال المهر ولا وجوب عدة ولا بدء في دعوى قوله تعالى: {وإن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} البقرة: 237 والمسيس عبارة عن الوطء الثلاثة معانٍ:
أحدها: أنه المروي في التفسير عن ابن عباس وابن مسعود.
والثاني: أن المسيس كتابة لما يستقبح صريحه وليست الخلوة مستقبحة التصريح فينكى عنها والوطء مستقبح فكني بالمسيس عنه.
والثالث: أن المسيس لا يتعلق به عن المذهبين كمال المهر لأنه خلا بها من غير مسيس كمل عندهم المهر ولو وطئها من غير خلوة كمل عليه المهر ولو مسها من غير خلوة ولا وطء يكمل المهر فكان حمل المسيس على الوطء الذي يتعلق به.
الحكم أولى من حمله على غيره وإذا كان كذلك فقد جعل الطلاق قبل المسيس الذي هو الوطء موجبًا لاستحقاق نصف المهر.
ومن طريق القياس: أنه طلاق قبل الإصابة فوجب أن لا يكمل به المهر كالطلاق قبل الخلوة ولأنها خلوة خلت عن الإصابة فوجب أن لا يكمل بها المهر كالخلوة إذا كان أحدهما محرمًا أو صائمًا فرضًا ولأن ما يوجب الغسل لا يوجب كمال المهر كالقبلة من غير خلوة ولأن الخلوة لما لم يقم في حقها مقام الإصابة لم يقم في حقه مقام الإصابة كالنظر وبيان ذلك أنه لو خلا بها لم يسقط بها حق الإيلاء والعنة ولأن ما لا يثبت به حق التسليم في أحد جنبي العقد لم يثبت به حق التسليم في الجنبة الأخرى قياسًا على تسليم المبيع والمجر إذا كان دون قبضهما حائل ولأن للوطء أحكامًا تختص به من وجوب الحد والغسل وثبوت الإحصان والإحلال للزوج الأول وسقوط العنة وحكم الإيلاء وإفساد العبادة ووجوب الكفارة واستحقاق المهر في النكاح الفاسد وكماله في الصحيح ووجوب العدة فيهما.
فلما انتفي عن الخلوة جميع هذه الأحكام سوى تكميل المهر والعدة انتفي عنها هذان اعتبارًا بسائر الأحكام.
وتحريره قياسًا: أنه حكم من أحكام الوطء فوجب أن ينتفي عن الخلوة قياسًا على ما ذكرنا.