"إذا دعي (أحدكم) إلى وليمة فليجب فإن كان فطرا فليأكل وان كان صائما فليدع وليقل: إني صائم".
ولأن المقصود بحضوره التجمل أو التكثر أو التواصل والصوم لا يمنع من ذلك فإذا حضر الصائم لم يخل صومه من أن يكون فرضًا أو تطوعا وان كان صومه فرضا أو تطوعا وإن كان صومه فرضاً لم يفطر ودعا للقوم بالبركة. وقال: إني صائم وكان بالخيار بين المقام أو الانصراف لما قدمناه من رواية ابن عمر وفعله وان كان صومه تطوعاً فالمستحب له أن يأكل ويفطر لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم فإن كان تطوعا فليفطر ولا فليصل" أي فليدع ولا يجب عليه الفطر لأنه في عبادة فلم تلزمه مفارقتها ولأن من الفقهاء من يحظر عليه الخروج من صوم التطوع ويوجب عليه القضاء.
فصل:
فأما المفطر إذا حضر ففي وجوب الأكل عليه ثلاثة أوجه:
أحدهما: يجب عليه الأكل لأنه مقصود بالحضور ولرواية ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليجب فإن كان فطرا فليأكل وان كان صائما فليدع وليقل: إني صائم".
والثاني: أنه لا يجب عليه الأكل وهو فيه مخير لرواية سفيان عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعي أحاكم إلى طعام فإن شاء طعم وان شاء ترك ولأن في الأكل تملك قال: فلم يلزمه كالهبة.
والثالث: أن الأكل في الوليمة من فروض الكفايات فإن أكل غيره سقط عنه فرض الأكل وإلا خرج جميع الحاضرين لما في امتناع جميعهم من عدم مقصود وانكسار نفسه وإفساد طعامه.
فصل:
وينبغي لمن حضر الطعام أن يأكل إلى حد شبعه وله أن يقصر عن الشبع ويحرم عليه الزيادة على الشبع لما فيه من المضرة ومخالفة العادة فإن أكل أكثر من شبعه لم يضمن الزيادة وليس له أن يأخذ ما يأكل ليحمله إلى منزله ولا أن يعطيه لغيره ولا أن يبيعه لأن الأكل هو المأذون فيه دون غيره وليس كل من أبيح له الأكل جاز له البيع كالمضحي ولا يجوز إذا جلس على الطعام أن يطعم غيره منه فإن فعل وكان الذي أطعمه من المدعوين لم يضمن وان كان غير مدعو ضمن.
وهكذا ليس له أن يستصحب إلى الطعام من لم يدعه صاحب الوليمة فإن أحضر معه