المَعَاصِي الظَّاهِرَةِ نَهَاهُمْ فَإِنْ نَحَّوا ذلِكَ عَنْهُ وَإِلَّا أُحِبَّ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ لَمْ أُحِبَّ لَهُ أَنْ يُجِيبَ".
قال في الحاوي: وهذا كما قال: إذا دعي إلى وليمة وفيها خمور أو ملاهي أو ما أشبه ذلك من المعاصي فلا يخلو أن يكون عالما به قبل حضوره أو غير عالم فإن علم به قبل حضوره فله حالتان:
أحدهما: أن يقدر على إنكاره وإزالته فواجب عليه أن يحضر لأمرين:
أحدهما: لإجابة الداعي.
والثاني: لإزالة المنكر.
والحالة الثانية: أن لا يقدر على إزالته ففرض الإجابة قد سقط وأولى أن لا يحضر وفي جواز حضوره وجهان:
أحدهما: وهو الأظهر أنه لا يجوز لما في حضوره من مشاهدة المنكر والريبة الداخلة عليه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك".
والثاني: يجب له الحضور وان كره له لأنه ربما أحشمهم حضوره فكفوا واقصروا وقد حكي أن الحسن البصري ومحمد بن كعب القرظي دعيا إلى وليمة فسمعا منكراً فقام محمد لينصرف فجذبه الحسن وقال: اجلس ولا يمنعك معصيتهم من طاعتك.
وإن لم يعلم بما في الوليمة من المعاصي فعليه الإجابة ولا يكون خوفه منها غدرًا في التأخير عنها لجواز أن لا يكون فإذا حضر وكانت بحيث لا يشاهدها ولا يسمعها أقام على حضوره ولم ينصرف وان سمعها ولم يشاهدها لم يتعمد السماع وأقام على الحضور لأن الإنسان لو سمع في منزله معاص من دار غيره لم يلزمه الانتقال عن منزله كذلك هذا وان شاهد ها جاز له الانصراف ولم يلزمه الحضور إن لم ترفع وفي جواز إقامته مع حضورها إذا صرف طرفه عنها مما ذكرنا من الوجهين.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "فإن رأى صوراً ذات أَرْوَاح لم يدْخل إِن كَانَت مَنْصُوبَة وَإِن كَانَت تُوطأ فَلَا بَاس وَإِن كَانَ صور الشّجر فَلَا بَاس أحب أن يجيب أخاه وبلغنا أ، النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو أهدى إلى ذراع لقبلت ولو دعيت إلى كراع لأجبت"
قال في الحاوي: وهذا صحيح وإذا كان في الوليمة صور فهي ضربان:
أحدهما: أن يكون صور شجر ونبات وما ليس بذي روح فلا تحرم لأنها كالنقوش التي تراد للزينة سواء كانت على مسدل من بط ووسائل أو كانت على مصان من ستر أو جرار ولا يعتذر بها المدعو في التأخير.