فصل:
وإذا حبس الزوج أمكن نساؤه أن يأوين معه في حبسه فهن على حقوقهن من القسم لأن حاله في الحبس كحاله في منزله ولو لم يمكنهن ذلك من معه في الحبس من الرجال أو لأنه ممنوع من الناس سقط القسم.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَكَذَلِكَ المُمْتَنِعَةُ بِالجُنُونِ».
قال في الحاوي: قد ذكرنا بأن المجنونة إذا خاف على نفسه منها سقط قسمها فأما الذي لا يخاف على نفسه من جنونها فالقسم لها واجب لأن فيه إلفًا لها وسكنًا فإن امتنعت عليه بالجنون جرى عليها حكم النشوز وإن لم تأثم وسقط بذلك قسمها ونفقتها لأنها في مقابلة استمتاع قد فات عليه بامتناعها وإن عذرت لأن حقوق الآدميين تستوي في الوجوب مع العذر والاختيار ألا ترى أن المؤجر إذا امتنع من تسليم ما أجر لعذر أو غير عذر سقط حقه من الأجرة ثم إذا سقط قسمها بالامتناع قسم بين الباقيات من نسائه وكذلك لو نشزت عليه وهي عاقلة سقط حقها وكان القسم لمن سواها فلو أقلعت عن النشوز عاد قسمها معهن كالذي كان.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَإِنْ سَافَرَتْ بِإذْنِهِ فَلَا قَسَمٌ لَهَا وَلَا نَفَقَةٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ أَشْخَصَهَا فَيَلْزَمُهُ كُلُّ ذَلِكَ لَهَا».
قال في الحاوي: اعلم أنه لا يخلو حال سفرها من أحد أمرين: إما أن تكون مع الزوج أو منفردة عنه فإن سافرت مع الزوج كانت على حقها من النفقة والقسم ثم ينظر فإن سافر بها بالقرعة لم يقض باقي نسائه ما أقام معها وإن كان بغير قرعة قضاهن مدة سفرها معه وإن سافرت منفردة فعلى ضربين:
أحدهما: بإذنه.
والثاني: بغير إذنه.
فإن سافرت بغير إذنه فلا قسم لها ولا نفقة وهي في سفرها آثمة وصارت أسوأ حالًا من المقيمة الناشزة وإن سافرت بإذنه فقد قال الشافعي ها هنا: لها القسم والنفقة. وقال في كتاب النفقات: لا نفقة لها ولا قسم. فاختلف أصحابنا في ذلك على طريقتين:
أحدهما: وهي طريق أبي حامد الإسفراييني أن ذلك على اختلاف قولين:
أحدهما: وهو المنصوص عليه في هذا الموضع لها القسم والنفقة لأنها لما خرجت بإذنه من المأثم خرجت من حكم النشوز.