عدت مريضًا لبني فلان. قال: إني ظننتك مع الجنازة ولو كان ذلك ما كلمتك أبدًا.
قال الشافعي: إلا أنني لا أحب له أن يمنعها من عيادة أبيها ثقل ومن حضور مواراته إذا مات لما فيه من نفورها عنه وإغرائها بالعقوق.
فصل:
وله أن يمنعها من حضور المساجد لصلاة وغير صلاة. فإن قيل: فلم يمنعها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تافلات» فعن ذلك أربعة أجوبة:
أحدها: أنه أراد الخليات من الأزواج اللاتي يملكن تصرف أنفسهن.
والثاني: أنه محمول على المساجد الحج الذي ليس للزوج منعها من فرضه في أحد القولين.
والثالث: أنه مخصوص في زمانه لما وجب من تبليغ الرسالة إليهن ثم زال المعنى فزال التمكين.
والرابع: أنه منسوخ بما وكد من لزوم الحجاب.
وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال لنسائه حين حج بهن: «هذه ثم ظهور الحصر» وقالت عائشة: لو علم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن أشد المنع، والله أعلم.
باب الحال التي يختلف فيها حال النساءقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: «إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدِكِ وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ عِنْدَكِ وَدُرْتُ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَزَوَّجَ البِكْرَ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ عَنْدَهَا سَبْعًا وَالثَّيِّب ثَلَاثًا وَلَا يَحْتَسِبُ عَلَيْهِ بِهَا نِسَاؤُهُ اللَّاتِي عَنْدَهُ قَبْلَهَا. وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيَّبِ ثَلَاثٌ».
قال في الحاوي: وهذا كما قال: إذا استجد الرجل نكاح امرأة وكان له زوجات يقسم بينهن وجب عليه أن يخص المستجدة إن كانت بكرًا بسبع ليال وإن كانت ثيبًا بثلاث ليال يقيم فيهن عندها لا يقضي باقي نسائه ولا تحسب به من قسمها فإذا انقضت شاركتهن حينئذٍ في القسم.
وقال أبو حنيفة: يقيم مع البكر سبعًا ومع الثيب ثلاثًا ويقضي نساءه مدة مقامه معها استدلالًا برواية أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل. قال: وهذا منه ميل إن لم يقض.