وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة واحدة ثم راجعها.
وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه تزوج العالية بنت ظبيان فمكثت عنده ما شاء الله ثم طلقها.
فإذا ثبت إباحة الطلاق بالكتاب والسنة وما تعقبها من إجماع الأمة فالطلاق في اللغة هو التخلية, مأخوذ من قولهم نعجة طالق إذا خليت مهملة بغير راع.
ومن قول النابغة:
تناذرها الراقون من سوء سمها تُطلق طورًا وطورًا تراجع
فصل
والطلاق لا يصح إلا من زوج ولا يقع إلا على زوجة, فيختص الزوج بالطلاق وإن اشتركا الزوجان في عقد النكاح, وهو أحد التأويلات في قوله تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} البقرة: 228 إن الرجل يملك الطلاق ولا تملكه الزوجة, فإن قيل فلم اشترك الزوجان في النكاح وتفرد الزوج بالطلاق, قيل لأمرين:
أحدهما: أنه لما اشترك الزوجان في الاستمتاع جاز أن يشتركا في عقد النكاح, ولما اختص الزوج بالتزام المؤونة جاز أن يختص الزوج بإيقاع الفرقة.
والثاني: أن المرأة لم يجعل الطلاق إليها, لأن شهوتها تغلبها فلم تؤمن منها معاجلة الطلاق عند التنافر والرجل أغلب لشهوته منها, وأنه يؤمن منه معالجة الطلاق عند التنافر.
مسألة: قال الشافعي: "وطلق ابن عمر رضي الله عنهما امرأته وهي حائض في زمان النبي صلى الله عليه وسلم قال عمر فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: "مرة فليراجعها ثم ليمسكها حتى تظهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسكها بعد وإن شاء طلق فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء" (قال) وقد روى هذا الحديث سالم بن عبد الله ويونس بن جبير عن ابن عمر يخالفون نافعًا في شيء منه قالوا كلهم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مرة فليراجعها ثم ليمسكها حتى تحيض ثم تظهر ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق" ولم يقولوا ثم تحيض ثم تظهر (قال): " وفي ذلك دليل على أن الطلاق يقع على الحائض لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالمراجعة إلا من لزمه الطلاق".
قال في الحاوي: الطلاق ينقسم ثلاثة أقسام: طلاق سنة, وطلاق بدعة, وطلاق لا سنة فيه ولا بدعة.