وجوده لا يتعلق بفعله، فإن قيل: قلتم: لا يجوز قراءة القرآن بالفارسية، وإن كان عاجزًا وههنا جوزتم بالفارسية عند العجز، فما الفرق؟ قلنا: الفرق أن القرآن ُمعِجز، ومعناه لا يكون معجزًا، فلا يكون قرآنًا ولا تجوز الصلاة بغير القرآن بخلاف هذا.
فَرْعٌ
لو كان لا يحسن العربية ولكنه يحسن 64 ب/ 2 الفارسية والسريانية، فيه ثلاثة أوجٍه:
أحدها: يكبرّ بالفارسية، لأنها أقرب اللغات إلى العربية.
والثاني: بالسريانية، لأن الله تعالى أنزل بها كتابًا دون الفارسية.
والثالث: بآيتهما شاء.
فَرْعٌ آخرُ
لو كان يحسن الفارسية والتركية، فيه وجهان:
أحدهما: يكبرّ بالفارسية لأنها أقرب.
والثاني: الخيار إليه فيهما، ولو كان يحسن السريانية والنبطية، فيه وجهان:
أحدهما: يكبرّ السريانية.
والثاني: أنه بالخيار فيهما، ولو كان يحسن بالتركية والهندية كان بالخيار وجهًا واحدًا.
فَرْعٌ آخرُ
قال الشافعي رحمه الله: (وكذلك الذكر)، وأراد به أن كل ذكٍر في الصلاة من التسبيح والتشهد والتعوذ وغيرها كالتكبير في اعتبار لفظ العربية فيه، وفسره في (الأم)، فقال: التكبير والتشهد إلا القرآن. وقيل: أراد به كل ذكٍر في الصلاة من التسبيح والدعوات والتشهد والتعوذ سوى القراءة بمنزلة التكبير لا فرق بينهما في جوازها بالفارسية عند العجز، وهذا لأنا لو كلفناه بالعربية أدى إلى فوات الوقت، أو الذكر المشروع فيها.
قال الشافعي: وعليه أن يتعلّم، وهذا لأن الأذكار المشروطة فيها يسيرة المؤنة على المتعلم فيلزمه كما يلزمه شري الماء للطهارة والثوب للستر. وقال في (الحاوي): كل ذكٍر واجٍب، كالشهد والسلام لا يجوز بالفارسية مع حسنه بالعربية وكل ذكر مستحب كالتسبيح والتوحيد يجوز بالفارسية، إن كان يحسن العربية ولكنه أساء وإذا لم يحسن العربية يجوزها بالفارسية وهذا غريب، وهذا لأنه ليس من جنس العجز، ولم يتعين له لغٌة حتى يأتي بأي لفظٍة من العربية، أراد فلا تتعين فيه لغةُ العرب