ورواه علي بن أبي طالب وأبو هريرة وأبو حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنه واحتجوا بما روى مالكٌ بن الحويرث ووائل بن حجٍر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (كان يرفع يديه حيالَ أذنيه)، قلنا: رواية الجماعة أولى أو يحمل هذا على أن أطراف الأصابع كانت تبلغ الأذنين وقيل: أن الشافعي رضي الله عنه لما قدم العراق قدم عليه العلماء مثل: أبي ثور والحسين الكرابيسي وغيرهما، فسألهم عن الجمع بين أخبار رفع اليدين، فلم يذكروا شيئًا، فقال: إني أرى أن تكون كفاه
حذو المنكبين، ورأس إبهامه عند أصل الآذنين ورؤوس أصابعه عند فروع الأذنين، فاستحسنوا ذلك، فعلى هذا يرتفع الخلاف.
وقال ابن سريج: الرفع إلى المنكبين أو إلى الأذنين من الاختلاف المباح، وليس أحدهما أولى من الآخر.
فَرْعٌ
قال في (الأم): ويثبتهما مرفوعتين حتى يفرغ من التكبير، وجملة ذلك أنه إذا أراد أن يكبرّ أسبل يديه، ثم رفعهما مع ابتداء التكبير، فإذا حاذى بهما منكبيه أثبتهما مرفوعتين حتى يكمل التكبير، لأن الرفع أسرع من الإتيان بالتكبير، لأنه يستحب له ترتيل التكبير والرفع يحصل في وقت يسير، ولا يمكن في هذا القدر ترتيله فعلى هذا ينتهي الرفع قبل انتهاء التكبير.
وقال أبو إسحق: ينبغي أن يكون انتهاء الرفع مع انتهاء التكبير. وبه قال صاحب (الإفصاح)، وهذا خلاف نصّه، وقد بّينا دليله، وقال بعض أصحابنا بخراسان: يرفع يديه 66 ب/ 2 غير مكبرّ ويكبرّ، ثم يرسلها غير مكبرّ، وهو رواية ابن عمر رضي الله عنه. وهذا عندي غلط.
فَرْعٌ آخرُ
قال في (الأم): وينشر أصابع يديه إذا رفعهما للتكبير ويفرقهما، والدليل عليه ما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (كان ينشر أصابعه للتكبير). وذكر بعض أصحابنا أنه لا نصّ فيه، وهو سهٌو.
فَرْعٌ آخرُ
قال: ويرفع يديه في كل صلاة فريضة ونافلة، ولا فرق بين الإمام والمأموم. قال: وكذلك إن كان يصّلي قاعدًا لمرض به رفع يديه. قال: وإن ترك رفع اليدين حيث أم به كرهت ذلك ولا إعادة عليه ولا سجود، وهذا لأنه هيئة. قال أصحابنا وكذلك إن كان مضطجعًا أو متكئًا يأتي بالرفع في مواضعه، لأنه لا مشّقة عليه.