لأنه قادر على الكلام الذي هو بالطلاق أخص.
فلو قال: أنت وأشار بأصابعه الثلاث مريدًا بها الطلاق لم تطلق، لأن يقوله أنت بدء وليس بصريح في الطلاق ولا كناية، فالإشارة بعد البدء، لا يقع بها الطلاق، ونية الطلاق قد تجردت عن لفظ فلم يقع بها الطلاق، ولكن لو قال: أنت طالق كذا وأشار بإصبع واحدة طلقت واحدة، ولو أشار بإصبعين، طلقت طلقتين، ولو أشار بثلاثة أصابع، طلقت ثلاثًا، وقامت إشارته مقام الثلاث، مع قوله هكذا مقام نيته بالثلاث نص عليه ابن سريج، فلو أشار بثلاث أصابع قائمة وبإصبعين معقودتين فإن أراد الثلاث القائمة طلقت ثلاثًا، وإن أراد الإصبعين المعقودتين طلقت ثنتين، وإن لم تكن نية، طلقت بالثلاث أصابع ثلاثً، لأن فيها زيادة إشارة.
قال أبو العباس بن سريج: ولو قال: أنت طالق، ولم يقل هكذا، وأشار بأصابعه الثلاث لم يلزمه بالإشارة عدد.
مسألة: قال الشافعي:" ولو قال لامرأته اختاري أو بيدك فطلقت نفسها فقال ما أردت طلاقًا لم يكن طلاقًا إلا بأن يريده ولو أراد طلاقًا فقالت قد اخترت نفسي سئلت فإن أرادت طلاقًا فهو طلاق وإن لم ترده فليس بطلاق".
قال الماوردي: اعلم أن للزوج في الطلاق ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يتولاه لنفسه مباشرًا فيقع الطلاق بمباشرته.
والحال الثانية: أن يستنيب فيه وكيلًا، فيقوم الوكيل في الطلاق الذي استنابه فيه مقام نفسه على ما سنذكره.
والحال الثالثة: أن يفوضه إلى زوجته وهي مسألتنا فيكون ذلك تمليكًا لها ولا يكون توكيلًا واستنابة، وهو جائز يصح به وقوع الفرقة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير نساءه، فاخترنه فلولا أن لتخييرهن تأثير في الفرقة إن اخترتها، ما كان لتخييرهن معنى، وإذا كان كذلك لم يخل حال تفويضه الطلاق إلى زوجته من أربعة أقسام:
أحدها: أن يكون بصريح منهما. والثاني: بكناية منهما، والثالث: بصريح منه وكناية منها، والرابع: بكناية منه وصريح منها.
فأما القسم الأول: وهو أن يكون بصريح منهما جميعًا فصورته: أن يقول لها طلّقي نفسك فتقول: قد طلّقت نفسي، فقد وقع الطلاق بطلاقها لنفسها، ولا يراعى من أصل الطلاق ووقوعه نية واحد منهما، فأما عدد الطلاق فلهما فيه ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يذكراه.
والثانية: أن ينوياه.
والثالثة: أن يطلقاه، فإن ذكراه فلهما فيه حالتان:
أحدهما: أن يتفقا عليه.