أحدهما: تجب في الحرة والأمة.
والثاني: لا تجب في الحرة ولا في الأمة.
والثالث: تجب في الأمة، ولا تجب في الحرة، لأن التحريم في الأمة أصل، وفي الحرة فرع ولا ينعقد به الأحوال كلها يمين، هذا مذهبنا.
وقد اختلف الصحابة ثم التابعون - رضي الله عنه - في لفظ التحريم الذي يوجب إذا فقدت فيه الإرادة على ثمانية أقاويل:
أحدها: ما حكي عن أبي بكر -رضي الله عنه- أنها يمين يجب بها إذا حنث كفارة يمين، وبه قالت عائشة والأوزاعي.
والثاني: ما حكي عن عمر - رضي الله عنه- أنها طلقة رجعية، وبه قال الزهري.
والثالث: ما حكي عن عثمان - رضي الله عنه - أنه يكون ظهارًا تجب به كفارة الظهار وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس، وبه قال: سعيد بن جبير وأحمد بن حنبل.
والرابع: ما روي عن علي -رضي الله عنه- أنه يكون طلاقة لا تحل منه إلا بعد زوج، وبه قال: زيد بن ثابت وأبو هريرة، وابن أبي ليلى ومالك.
والسابع: ما حكي عن النخعي أنها طلقة بائن، وبه قال: الحكم بن عيينة، وحماد بن أبي سليمان وسفيان الثوري.
والثامن: ما حكي عن أبي حنيفة: أنه يكون إيلاء، يؤجل فيه أربعة أشهر فإن وطاء فعليه كفارة يمين، وإن لم يطأ حتى مضت أربعة أشهر طلقت طلقة بائنة، فيصير قوله موافقًا لقول أبي بكر - رضي الله عنه - أنها يمين، ثم يزيد عليه بما يعلق عليها من حكم الإيلاء، ويقول إنه لو حرم طعامه أو ماله على نفسه كان يمينًا يلزمه بها كفارة يمين ولا يلزمه عند الشافعي، بتحريم طعامه وماله كفارة.
واستدل أبو حنيفة على أن التحريم يمين يوجب ما ذكره من الإيلاء والكفارة بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ واللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} التحريم: 1، 2 فكان استدلالًا بذلك من وجهين:
أحدهما: أن الذي حركه على نفسه مختلف فيه، فحكي عروة وابن أبي مليكة، أنه حرم العسل على نفسه لأنه كان يشربه عند بعض نسائه، فقالت الباقيات: نجد منك ريح المعافير، والمعافير صمغ العرفط، لأن من النحل ما يكون يرعاه، فيظهر فيه ريحه، وكان يكره ريحه، فحرمه على نفسه ثم كفَّر.
وحكي الحسن وقتادة، أنة حرم مارية على نفسه، لأنه كان خلا بها في منزل حفصة، فغارت فحرّمها ثم كفَّر، فدل على وجوب الكفارة في الإماء والطعام، وكفارة اليمين تجب في الإماء.
والثاني: أن الله تعالى قال: (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ) فدل بهذا النص على أن التحريم على يمين، وبما روى ابن عباس عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما، أنَّ