والثاني: أربع كفارات، باعتبار أعدادهن لأن كل واحدة منهن محرمة أنه مظاهر من كل واحدة منهن.
وهكذا من قذف جماعة بكلمة واحدة، كان فيما يلزمه من الحد قولان:
أحدهما: حد واحد، لأن اللفظة واحدة.
والثاني: يحد لكل واحد حد، لأنه مقذوف في عيشه.
وأما إذا حرمهن غير مريد لتحريم وطئهن، ففي وجوب الكفارة قولان: على ما مضى:
أحدهما: لا كفارة فيه، ويكون لفظ التحريم كناية في وجوب الكفارة، لا يتعلق به مع فقد الإرادة حكم.
والقول الثاني: أنه صريح في وجوب الكفارة مع فقد الإرادة، فيجب عليه به الكفارة. واختلف أصحابنا فيما يلزمه منها، فذهب جمهورهم آلي أنها على قولين كما لو أراد به تحريم وطئهن:
أحدهما: كفارة واحدة.
والثاني: بأعدادهن
وقال أبو علي بن أبي هريرة: لا تجب عليه كفارة واحدة، قولًا واحدًا، وفرق بينهما بأنه في إرادة التحريم، يحرم لكل واحدة منهن، فجاز اعتبار الكفارة بأعدادهن، ومع فقد الإرادة، فالحكم في الكفارة متعلق باللفظ دونهن، فلم يكن لاعتبار عددهن وجه، فلزمه كفارة واحدة، والله أعلم.
مسألة: قال المزني: "وقال في الإملاء وإن نوى إصابة قلنا أصب وكفر".
قال الماوردي: إنما أراد الشافعي بهذا، وأن جوز تقديم الكفارة في تحريم الوطاء.
الفرق بينه وبين الظهار لأنه في الظهار تنجب عليه تقديم الكفارة على الوطء، ويعضي الله تعالى إن أخرها، لقول الله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} المجادلة: 3 ويجوز له في تحريم الوطء أن يقدم الإصابة ويؤخر الكفارة، وإن تقدم وجوبها على الإصابة، وجاز تعجيلها لأنها غير مقيدة بشرط.
فصل
فلو قال لنسائه: أنتن علي حرام يريد تحريم وطئهن، إن أصابهن فلا كفارة عليه في الحال حتى يصيبهن، لأنه جعل التحريم مشروطة في نيته بإصابتهن، فإذا أصابهن وجبت الكفارة عليه حينئٍذ ويقبل ذلك منه في الظاهر والباطن، بخلاف ما ينويه من شروط الطلاق، الذي يقبل منه في الباطن دون الظاهر لأن هذا مما يختص بوجوب الكفارة