وروي هذا عن أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه أبو جحيفة عن علي رضي الله عنه أيضًا. والأول أولى لأن وضعها تحت الصدر أخشع ووضعها تحت السّرة أقرب إلى إرسالها، وأشبه به. وقيل: هذه اللفظة توجد للشافعي، فيجوز أن يكون المزني سمعها من الشافعي، أو قالها من عند نفسه، وهو حسن وهو قول إمام مثل علي رضي الله عنه. وذكر الإمام الجويني رحمه الله عن علي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
مسألة: (ثم يقول: وجهت وجهي).
الفَصْل
وهذا كما قال: إذا فرغ من التكبير استحب أن يبتدئ 68 أ/ 2، فيقول: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مسلمًا وما أنا من المشركين إن صلاتي وُنُسكي وَمْحياَي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، ولا يقول: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} الأنعام: 163. لأن ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأنه أولهم في هذه الأمة نصّ عليه. ومعنى {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ}، أي: قصدت بوجهي الله سبحانه.
وقال أبو حنيفة: يستفتح بقوله: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جُّدك وجلّ ثناؤك، ولا إله غيرك. وبه قال الثوري وأحمد وإسحاق والأوزاعي. وقال أبو يوسف يقول معه: وجهت وجهي أيضًا، وقد ذكر بعض أصحابنا أنه لو جمع بين الذكرين كان أولى، ولو أراد الاقتصار على أحدهما، فما تقدم أولى وقصد بهذا القائل الجمع بين المذهبين، والأخبار الواردة فيه. واعلم أن هذا من الاختلاف المباح فأّيهما استفتح الصلاة يجوز وروي كلاهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فروى علي رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا افتتح الصلاة كبرّ، ثم قال: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ} إلى آخره، غير أنه قال: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}.
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استفتح الصلاة، قال: (سبحانك اللهم وبحمدك. . .)، إلى آخره. ومعنى قوله: وبحمدك، أي: وبحمدك سبحتك، ومعنى الجد: العَظم ههنا، وإنما قلنا: إني وجهت وجهي َأولى، لأنه َألَيق بالموضوع وهو من ألفاظ القرآن والتسبيح يعود في الركوع والسجود، وما ذكرناه إذا ترك لا يعود.
وروي عن أبي حنيفة أنه قال: يستحب أن يقرأ: وجهت وجهي إلى آخره قبل التكبير حتى لا يعقب التكبير بقراءة القرآن، وهذا غلط، لأنه لو كان قرآنًا لاقتصر على قوله: {حَنِيفًا} دون قوله: {مُسْلِمًا}، ولقال: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} موافقًة للقرآن.
وقال: مالٌك: لا يدعو بشيء بعد الافتتاح، 68 ب/ 2 ويفتتح الصلاة بقول: الله