حكمه حكم المجنون, ومن أصحابنا من قال: القولان في الأقوال دون الأفعال ومن أصحابنا من قال: فيما عليه قول واحدٌ أنه كالصاحي وفيما له قولان.
فرع آخر
لو شرب دواءً أو بنجًا فزال عقله فإن كان للدواء فهو معذور كالمجنون لا يقع طلاقه, وإن قصد به زوال العقل للهو والجنون فلا نص فيه ولكن قياس ما قال في الصلاة أنه يلزمه قضاء الصلوات وهو كالسكران, وقال في"الحاوي" فيه وجهان, أصحهما: إنه كالسكران لأنه عاص. والثاني: وبه قال أبو حنيفة لا يقع طلاقه وأن كان عاصيًا لأن الشراب مطرب تدعو النفوس إلى تناوله فغلظ حكمه زجرًا عنه كما بالحد بخلاف هذا, وحكي العامري عنه 27/ ب أنه لو أغمي عليه من سكره لا يقع طلاقه أيضًا.
فرع آخر
لو سكر ثم جن فإن لم يتولد الجنون من سكره لا يقع طلاقه, وإن تولد من سكره فحكمه حكم السكران وإن جن ثم سكر لا يقع طلاقه وهو كغير السكران.
فرع آخر
إذا قلنا لا يقع طلاقه ينبغي أن لا يفعل الطلاق حين قاله يتيقن زوال عقله حتى يقبل قوله فأما إذا اتهمناه أو قال بعد الصحو: عقلت الطلاق حين تكلمت يقع طلاقه بلا إشكال.
باب الطلاق والحساب والاستثناءمسألة: قالَ: "ولوْ قالَ: أنت طالقٌ واحدةٌ في اثنتين".
الفصل
إذا قال لها: أنت طالق واحدة في اثنتين لا يخلو إما أن يكون عارفًا بالحساب أو جاهلاً فإن نوى مقرونه ثلاثًا ويكون معنى قوله في اثنتين أي مع اثنتين وقد يذكر ويراد به كما قال تعالى: {أولئك الذين حق عليهم القول أمم} الأحقاف:18 أي مع أمم وإذا أطلق وقال: لا نية لي وقعت واحدة لأنه إذا لم يفهم ما قال لم يقصد إلى لفظ الإيقاع فهو كقول الأعجمي: أنت طالق وهو لا يعرف معناه لا يقع شيء, وإن قال: أردت موجبه عند أهل الحساب قال عامة أصحابنا: يقع طلقةٌ لأنه إذا لم يفهم معناه في نفسه لم يكن طلاقًا بأن يفهمه غيره, كما لو قال الأعجمي: أنت طالق ثم قال: ما فهمت ذلك لكني أردت موجبه عند أهل اللسان لا يقع شيء, وقال أبو بكر الصيرفي: يكون على ما أراد فيقع طلقتان لأن ذلك مقتضي الحساب 28/ أ وإن كان عارفًا بالحساب فإن قال: أردت مقرونةً طلقت ثلاثًا, وإن