الرحيم. وفي قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} تشديدتان اللام من اسم الله تعالى، والباء في رب وفى {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} تشديدتان: الراء، والراء، 71 أ/ 2 وفي {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} تشديده، وهي في الدال، وفي {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} تشديدتان في الياء من إياك وإياك، والصاد في {الصِّرَاطَ}، واللام من {الَّذِينَ}. وفي قوله: {ولا الضالين} تشديدتان في الضاد واللام.
وهذا لم يذكره الشافعي، ولكن أصحابنا ذكروه لأن عند أهل اللغة التشديد يقوم مقام الحرف. وبه قال عمر وابن عباس وخوات بن جبير وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة رضي الله عنه والثوري ومالك وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود رحمهم الله.
وقال أبو حنيفة: القراءة غير متعينة في الصلاة والمشهور عنه أنه يجب قراءة آية إما طويلة، وإما قصيرة حتى لو قال: {مُدْهَامَّتَانِ}. وروي عنه أنه قال: يجوز أقل من آية إذا كان يقع عليه اسم القرآن. وأصحابه بخراسان يقولون: هذا هو الصحيح والأول أشهر. وقال أبو يوسف ومحمد: إن قرأ آيًة طويلًة كآية المدثر وآية الكرسي يجوز وإن كانت آياٍت قصارًا لم َيُجز أقلّ من ثلاث آيات، وربما ينسب هذا إلى أبي حنيفة. واحتجوا بما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للأعرابي: (المسيء صلاته، ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن)، وهذا غلٌط لما ذكرنا من الخبر.
وأمّا خبرهم روى الشافعي بإسناده عن رفاعة بن رافع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للأعرابي: (ثم اقرأ بأم القرآن وما شاء الله أن تقرأ)، ثم نحمله على الفاتحة، فإنها التي تتيسر على جميع الناس في الغالب، ولأن القراءة ركٌن من أركان الصلاة فكان متعينًا كالركوع والسجود.
مسألة: قال: (يبتدئها ببسم الله الرحمن الرحيم).
وهذا كما قال: بسم الله الرحمن الرحيم آيٌة تامة من الفاتحة، ومن كل سورة. وحكي أبو حامد عن بعض أصحابنا أنه قال للشافعي قول آخر أنها من الفاتحة. وحكاه ابن القطان أيضًا، وقال: لا يعرف 71 ب/ 2 هذا القول عنه، وهو على ما ذكر، ومن أصحابنا من قال: هي في سائر السور بعض آية في أحد القولين كقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} الفاتحة: 2، وبقولنا، قال ابن عباس وأبو هريرة وسعيد بن جبير وعطاء والزهري وأحمد وإسحق وأبو عبيد.
وروي عن الزهري أنه كان يفتح ببسم الله الرحمن الرحيم، ويقول آية من كتاب الله تعالى تركها الناس. وقال ابن المبارك: من ترك بسم الله الرحمن الرحيم، فقد ترك مائة وثلاث عشر آية.
وقال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي وداود: التسمية ليست من القرآن إلا في سورة النمل، فإنها بعض آيٍة هناك وإنما ذكرت في رأس سائر السور تبركًا.