الملك بالشك ويجوز بيعهم ويكون مع ذلك مشكوك في لعانه وهو اختيار القاضي الطبري, وقال ابن أبي هريرة: هل يتصرف في العبيد على أصل الملك أو يتصرف فيهم وهو شاك في ملكهم وجهان, وفائدة الوجهين, أنا إذا قلنا: يتعين على أصل الملك فله بيعهم ولا يكره له ذلك 50/ ب وإذا قلنا: يبقى على الإشكال يكره له بيعهم ونقول لهم: الورع أن لا تبيعوهم فإن باعوهم صح البيع وكذلك يكره لهم الاستمتاع إن كنّ إماءً ولا نحرمه لأن الرق مشكوك فيع فإن قيل: أليس منعتم الموروث من التصرف لأجل الشك؟ فهلا منعتم الوارث من التصرف آنفًا؟ قلنا: الفرق في حق المورث تيقنا الحنث في أحد ملكيه, إما النساء, وإما العبيد فأوقفنا عنهما, وأما الورثة إنما يملكون العبيد دون النساء فلم نتيقن الحنث في حقهم وهذا كما لو قال رجل: إن كان هذا الطائر غرابًا فنساؤه طوالق وقال آخر: إن لم يكن غرابًا فعبيدي أحرار ولم يعلم لا يوقف على واحدٍ منهما ملكه لأنه لا يتيقن الحنث في حقه.
فرع آخر
لو قال: إن كان هذا الطائر غرابًا فنسائي طوالق, وإن كان حمامًا فعبيدي أحرار ولم يعلم ذلك لم يحنث هاهنا لجواز أن يكون غير غراب وغير حمام وهو من جملة الشك في الطلاق والعتاق.
فرع آخر
لو رأى رجلان طائرًا فقال أحدهما: إن كان هذا غرابًا فامرأتي طالق وقال الآخر: إن لم يكن غرابًا فامرأتي طالق فطار ولم يعلم قد ذكرنا أنه لا يحكم على واحد منهما بالطلاق لأن الأصل لكل واحد منهما بقاء النكاح وهذا كما أنه يجوز أن يجتهد في إناءين أحدهما نجس ويتوضأ كل واحدٍ منهما ويصلي يجوز, ولا يجوز أن يتوضأ بهما رجل واحد.
فرع آخر
لو قال: هذا في اليمين بحرية عبدين بأن قال أحدهما: إن كان غرابًا فعبدي حر, وقال الآخر: إن لم يكن غرابًا فعبدي حر, وطار الطائر لم يعتق عبد واحد منهما لأن كل واحدٍ منهما شاك في وقوع الحرية على عبده, فإن بادل كل واحدٍ منهما عبده بعبد صاحبه صح الملك ونظر 51/ أ فإن لم يكن أحدهما كذب صاحبه لم يعتق عليه, وإن قال: كل واحدٍ منهما لصاحبه بل كلن ما قلت وخالفه عتق على كل واحدٍ منهما ما يملكه بإقراره السابق, وإن لم يتبادلا ولكن اشترى أحدهما عبد صاحبه, قال صاحب "الإفصاح": يحتمل أن يقال: يقف عنهما لأن فيهما حرًا لا محالة ولم يذكر القفال غيره ويحتمل أن يقال: له بيعهما لأن بيع كل واحد منهما كان جائزًا فلا يحرم بالشك.