ففرغ الإمام من القراءة وركع والمأموم لم يتّمم القراءة بعد، فيه وجهان:
أحدهما: يتبعه ويسقط الباقي عنه للعجز.
والثاني: لا يسقط ولكنه يخرج من صلاته، والأولى أن لا يصلي 75 أ/ 2 خلف من تكون صفته كذلك، لأن هذا يتكرر في كل ركعٍة ويكثر ويكون ذلك عذراً في مفارقة الإمام والخروج من إمامته، وهذا أظهر عندي لئلا يؤدي إلى ترك المبالغة في أكثر الصلاةَ لو ترك الصلاةَ المفروضة، وفيه وجه ثالث: يلزمه إتمام الفاتحة في كل ركعٍة ولا يضر التأخر عنه، لأنه معذوٌر.
فَرْعٌ آخرُ
لو أدرك من القيام قدرًا يمكنه قراءة الفاتحة إلا أنه يشتغل بقراءٍة دعاء الاستفتاح، فركع الإمام، وهو في أثنائها، فإن أمكنه إتمامها ويدرك معه الركوع فعل، وإن قرأ منها قدر دعاء الاستفتاح بعد ركوعه ثم ترك الباقي وركع معه، فقد أدرك الركعٍة أيضًا، ولو عرف أنه إذا أتّمها أدرك معه الاعتدال أتّمها أيضًا، ولو عرف أنه لا يدركها إلا في السجوٌد تبعه في الركوع، ولا تحتسب له هذه الركعٍة، وهذا هو الصّحيح عندي.
وقال القفال: يتّم الفاتحة ويمضي خلفه بكل حالٍ ويكون معذّورًا في التخلف عن الإمام بسبب القراءة، فإن لم يتّم الفاتحة في هذه الحالة وركع بطلت صلاته.
مَسْألةٌ: قالَ: (وإذا قال: {ولا الضالين} الفاتحة: 7 قال: {آَمِّينَ} المائدة: 2 يرفع بها صوته).
وهذا كما قال: جملُة هذا أن التأمين مسنوٌن لكل مصًّل إمامًا كان أو مأمومًا، أو منفردًا ذكرًا كان أو أنثى حرًا كان أو عبدًا، فإن كانت صلاته لا يجهر فيها بالقراءة لم يجهر بها، وإن كانت صلاته يجهر فيها بالقراءة جهر بها الإمام والمنفرد، وبه قال أبو هريرة وابن الزبير رضي الله عنه وعطاء وأحمد وإسحاق وداود.
وقال أبو حنيفة والثوري: لا يجهر بها بحاٍل، وعن مالك روايتان:
إحداهما: لا يقولها الإمام أصلًا، والمأموم يؤّمن سّرًا، وروي هذا عن أبي حنيفة.
والروأيًة الثانية: يقولان سّرًا.
واحتّج مالك بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إذا قال الإمام: (ولا الضالين)، (فقولوا: (آَمِّينَ)، فدّل على أن الإمام لا يقولها، 75 ب/2 وهذا غلط لما روى وائل بن حجر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قال: (ولا الضالين)، قال: آَمِّينَ، ورفع بها صوته)، وروي نحو هذا عن علي رضي الله عنه، وهو معنى قول الشافعي رضي الله عنه، وبالدلالة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه جهر بها، أي: وقلت هذا بما روي في هذا الخبر، واحتّج الشافعي رضي الله عنه أيضًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أمّن الإمام أّمنت الملائكة،