فَرْعٌ آخرُ
قد ذكرنا أن القراءة واجبة فلا يجوز أن يقرأها بالفارسية ولا بسائر اللغات، ولا يبدل لفظًا بلفٍظ آخر بالمعنى. وقال أبو حنيفة: هو بالخيار إن شاء قرأ بالفارسية وإن شاء قرأ بالعربية.
وقال أبو يوسف ومحمد: إن كان يحسن العربية لا يجوز أن يقرأ بالفارسية، وإن كان لا يحسنها جاز بلساٍن آخر تفسرها، وهذا غلط لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (لا صلاةَ إلا بقرآن)، وتفسير القرآن لا يكون قرآنًا، لأن القرآن معجز بلفظه ونظمه. وهذا خلافه.
مَسْألةٌ: قال: (فَإذا َفَرَغ ْمنها َوَأراَد َان َيْرَكَع ابَتَدَأ ِباَّلْتكبيِر َقاِئمًا).
الفَصْل
وهذا كما قال: 78 أ/ 2 إذا فرغ من القراءة ركع عقيب الفراغ منها والركوع ركن من أركان الصلاةَ، فإذا جاء وقت الركوع فعل ثلاثة أشياء في حالٍة واحدٍة، فيرفع يديه حذو منكبيه مكبرا آخذاً في الانحناء، ورفع اليدين مستحب في الركعٍة الأولى في ثلاثة مواضع: إذا كبرّ للافتتاح، وإذا كبرّ للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع. وفي الركعات التي بعدها يستحب رفع اليدين في كل ركعٍة في موضعين: إذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع.
وبه قال أبو بكر الصديق وابن الزبير وابن عمر وابن عباس وأبو سعيد الخدري وأنس والحسن وعطاء ومجاهد والقاسم بن محمد والأوزاعي والليث وأحمد وإسحاق ورواه ابن وهٍب عن مالك. وقال أبو حنيفة والثوري وابن أبي ليلى: لا يستحب رفع اليدين إلا عند تكبيرة الافتتاح. وبه قال الشعبي والنخعي. وروي هذا عن مالٍك وعليه أصحابه اليوم.
واحتجوا بما روى البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا افتتح الصلاةَ رفع يديه إلى قريب أذنيه، ثم لا يعود). وروي نحوه عن ابن مسعود مرفوعًا، وهذا غلط لما روى الشافعي بإسناده عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إذا افتتح الصلاةَ رفع يديه حذو منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وبعدما يرفع رأسه من الركوع، ولا يرفع بين السجدتين).
قال الشافعي: وروى هذا غير ابن عمر اثنا عشر رجلًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ورواه أبو حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أحدهم أبو قتادة.
وقال الحسن: رأيت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. يرفعون أيديهم إذا كبروا، وإذا ركعوا،