في ركوعه وسجوٌده: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي). يتأول القرآن، وأراد- قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} النصر: 3.
فَرْعٌ آخرُ
لو ترك الذكر كله فيه لم يسجد للهو عامدًا كان أو ساهيًا. قال الشافعي: ويكره أن يقرأ القرآن في ركوعه وسجوٌده، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه، وذلك ما روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إني ُنهيت أن أقرأ راكعًا أو ساجدًا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب). وأما السجوٌد فاجتهدوا في الدعاء فقمٌن أن يستجاب لكم). وقوله: فإنه فقمٌن أي: جدير وحري أن يستجاب لكم، ويقال: قمن بفتح الميم، فإن قرأ فيه عامدا أو ساهيا سجد للسهو، وهذا لأن كل موضع شرعت فيه القراءة كرهت فيه غير القراءة، فلذلك كل موضع شرع فيه غير القراءة من الذكر كرهت فيه القراءة.
وقال في (الحاوي): إن قرأ غير الفاتحة جازت الصلاةَ، وإن أساء وفي سجوٌد، وجهان 82 ب/2، وإن قرأ الفاتحة، هل تبطل صلاته؟ وجهان:
أحدهما: تبطل لأنه أتي بركٍن منها في غير محله.
والثاني: لا تبطل لأن القراءة ذكر فخفف عن حكِم الأفعال في إبطال الصلاةَ، ولكنه يسجد من أخلها سجوٌد السهو وجهًا واحدًا.
مَسْألةٌ: قال: (وإذا أَراد أن يرفع ابتدأ بقوله مع الرفع: سمع الله لمن حمده).
الفَصْل
وهذا كما قال إذا فرغ من الركوع يلزمه أن يرفع رأسه منه، ويعتدل قائما، ويطمئن فيه لا يجزئه غير ذلك. وبه قال أحمد.
وقال أبو حنيفة: لا يجب شيء من ذلك، بل ينحط من ركوعه ساجدًا. واختلف أصحاب مالٍك في ذلك على قولين، وهذا غلط لخبر الأعرابي الذي ذكرنا، ولأنه ركن هو خفض فالرفع منه فرٌض كالسجوٌد، فإذا تقرر هذا يفعل ثلاثة أشياء في حالٍة واحدٍة: يرفع صلبه ويرفع يديه، ويقول: سمع الله لمن حمده، فإذا انتصب قائمًا يقول: ربنا لك الحمد، سواء كان إمامًا أو مأمومًا، أو منفردًا. وبه قال أبو برزة من الصحابة وعطاء وابن سيرين وإسحاق.
وقال أبو حنيفة ومالك: الإمام يقول: سمع الله لمن حمده، والمأموم يقول: ربنا لك الحمد. واختاره ابن المنذر. وقد قال أبو حنيفة: المنفرد يجمع بينهما. وقال الثوري وأبو يوسف ومحمد وأحمد: يأتي الإمام بهما، والمأموم لا يزيده على قوله: ربنا لك الحمد.