يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه). وروى ابن عمر رضي الله عنه نحوه، وهذا غلط 84 أ/ 2 لما روى وائل بن حجر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -. كان (إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفعه يديه قبل ركبتيه)، ولأن اليدين تسبقان الركبتين في الرفع فوجب أن تتأخر عنهما في الوضع كالجبهة مع اليد.
وأما خبرهم، قلنا: روي أنه منسوخ. وقد قال سعد رضي الله عنه (كنا نضع اليدين قبل الركبتين، فأمرنا بوضع الركبتين قبل اليدين)، فإن خالف فوضع يديه أولًا أجزأه وترك المستحب، فإذا تقرر هذا فالكلام الآن في السجوٌد في فصلين:
أحدهما: في أعضاء السجوٌد.
والثاني: في نفس السجوٌد.
فأما الكلام في أعضائه ففي فصلين:
أحدهما: في الكمال.
والثاني: فيما يقع به الأجزاء، فالكمال أن يقع غلى الأرض ثمانية أعضاء: الأنف والجبهة واليدين والركبتين وأطراف أصابع القدمين لما روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (أمرت أن أسجد على سبع، وأن لا أكف الشعر والثياب الجبهة والأنف واليدين والركبتين والقدمين). ومد الجبهة والأنف معًا لاتصاله بها ومقارنته لمساواتها.
وقوله: لا أكف الشعر، قال عطاء: معناهُ، الشعر عن الأرض. وكانوا يكرهون أن يسجد وهو قاُص شعره، وكذلك الثياب لا يجمعها ويدعها تقع على الأرض.
وروي: لا يكفت شعرًا ولا ثوبًا، أي: لا يجمع.
وأما الأجزاء، فلا يختلف المذهب أن السجوٌد على الجبهة، ولا يجوز ترك فرضها فيه عند القدرة، ولا خلاف عندنا أن وضع الأنف لا يجب، وإنما هو شرط الكمال، فإن اقتصر على وضع الجبهة أجزأه وإن اقتصر على الأنف لم يجزه. وبه قال الحسن وعطاء وطاوس وابن سيرين والثوري وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور ومالك.
وقال سعيد بن جبير: يجب السجوٌد عليهما حتى لو أخّل بأحدهما لم يجز، وبه قال النخعي وعكرمة وإسحق والأوزاعي وأحمد في رواية. واحتجوا بما روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا ما يصيب أنفة من الأرض، فقال: (لا صلاةَ لمن لا يصيب أنفه من الأرض ما يصيب الجبين)، أو قال: «ما يمس الجبين)، وهذا غلط لما روي عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: (أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسجد على سبع)، ولم يذكر 74 ب/2. الأنف.
وقال جابر: (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد بأعلى جبهته على قصاص الشعر، وعلى