في الرحمة، ومشاركته لخلقه في الرحيم، فلذلك كان الرحمن مختصًا به، والرحيم مشتركًا.
والثاني: أنه مشتق من رحمة تفرد الله بها دون خلقه، وفي هذه الرحمة التي تفرد بها وجهان:
أحدهما: أنها رحمته لأهل السماء والأرض، فيكون مشتقًا من رحمة هي صفة لذاته، لأنه مستحق لهذه الصفة قبل خلقهم.
والثاني: أنها صفة للرحمة: فيكون مشتقًا من رحمة هي صفة لفعله، لأنه مستحق لهذه الصفة بعد خلق الرحمة.
وعلى كلا الوجهين تكون اليمين بهذا الاسم منعقدة في أهل الملل وغيرهم، كانعقادها بالله سواء قيل اشتقاقه من صفة ذاته، أو صفة فعله، لأنها يمين بالاسم دون الصفة.
فصل:
والقسم الثاني: من أسمائه ما اختص باسم المعبود دون العبد، وهو الإله، أجمعوا على أنه اسم اشتقاق، واختلفوا فيما اشتق منه على وجهين:
أحدهما: أنه مشتق من الوله، لأن العباد يألهون إليه أي: يدعون إليه في أمورهم.
والثاني: أنه مشتق من الألوهية وهي العبادة من قوله: فلان يتأله أي: يتعبد.
واختلف على هذين الوجهين هل اشتق اسم الإله من فعل الوله والعبادة أو من استحقاقها على وجهين:
أحدهما: أنه اشتق من فعلها، فعلى هذا يكون مشتقًا من صفات أفعاله.
والثاني: أنه مشتق من استحقاقها، فعلى هذا يكون مشتقًا من صفات ذاته، وعلى كلا الوجهين يكون الحالف بالإله منعقد اليمين في الظاهر والباطن إن كان من أهل الملل، لأن جميع أهل الملل ليس لهم إله غير الله، وإن كان من غير أهل الملل من عبدة الأصنام، انعقد به اليمين في الظاهر، وكان في الباطن موقوفًا على إرادته، لأنهم يجعلون هذا الاسم مشتركًا بين الله تعالى وبين أصنامهم التي يعبدونها.
فصل:
والقسم الثالث: من أسمائه ما اختص إطلاقه بالله تعالى، وكان في الإضافة مشتركًا، وهو الرب، اسم مأخوذ من صفة، اختلف فيها على أربعة أوجه.
أحدها: أنه مأخوذ من المالك، كما يقال: رب الدار أي مالكها.
والثاني: أنه مأخوذ من السيد، لأن السيد يسمى ربًا قال الله تعالى: {أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً} يوسف: 41. يعني سيده.