مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَإِنْ قَالَ لَعَمْرُ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا يَمِينًا فَلَيْسَتْ بِيَمينٍ".
قال في الحاوي: لا يخلو حاله إذا قال: لعمر الله لأفعلن كذا من ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يريد به اليمين، فتكون يمينًا مكفرة؛ لأن للناس في معناه ثلاثة أوجه:
أحدها: معناه علم الله.
والثاني: بقاء الله ويشبه أن يكونه قول ابن عباس.
والثالث: وحق الله وأي هذه المعاني كان فهو من صفات ذاته.
والثانية: أن لا يريد يمينًا فلا تكون يمينًا.
وقال أبو حنيفة: تكون يمينًا وإن لم يردها لأنه من صفات ذاته.
ودليلنا هو أن لفظة قد صار في العرف مستعملاً في غير الأيمان مثل قولهم: لعمري لقد كان كذا ومن قول الشاعر:
لعمرك ما يدري امرؤ كيف يتقي نوائب هذا الدهر أم كيف يحذر
فجاز أن يكون محمولاً على العرف بالإرادة، فلا تكون يمينا لخروجه عن حكم الصفات المحضة.
والثالثة: أن يطلقه، ولا تكون له فيه إرادة، ففيه وجهان:
أحدهما: تكون يمينًا لما اقترن به من عرف الشرع في قوله تعالى: {لَعَمْرُكَ إنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72)} الحجر: 72.
والثاني: أن لا تكون يمينًا لأن عرف الاستعمال فيه مشترك، وعرف الشرع فيه محتمل، لأن قوله: {لَعَمْرُكَ إنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72)} الحجر: 72. قسم من الله تعالى برسوله، وأقسام الله تعالى مخالفة لأقسام عبادة، لجواز قسمه بالمخلوقات التي لا يجوز أن يقسمه بها المخلوقون.
فصل:
فأما قوله: وأيم الله، وأيمن الله، فإن أراد به يمينًا كان يمينًا لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال في أسامة بن زيد: "وأيم الله إنه لخليق بالإمارة" وإن لم يرد يمينًا، أو لم تكن له إرادة لم تكن يمينًا، لأن العرف في قولهم: لعمر الله، أكثر استعمالاً من قولهم، وأيم الله.
وقال أبو حنيفة: هما سواء في الأحوال كلها يمين مع وجود الإرادة وعدمها.
وأما قوله: لاها الله. فإن أراد به يمينًا، فهو يمين لما روي عن أبي بكر رضي الله