مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَلَوْ قَالَ أَسْأَلُكَ بَاللَّهِ أَوْ أَعْزِمُ عَلَيْكَ بَاللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ فَإِنْ أرَادَ المُسْتَخْلِفُ بِهَا يَمِينًا فَهِيَ يَمِينٌ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا شَيْئًا فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ".
قال في الحاوي: أما قوله لغيره: أسألك بالله، أو أقسم عليك بالله لتفعلن كذا. فله فيه أربعة أحوال:
أحدهما: أن يريد يمينًا لنفسه على فعل صاحبه، فتكون يمينًا له معلقة بفعل غيره، فإن فعل ما قال بر الحالف، وإن لم يفعل حنث الحالف، ووجبت الكفارة على الحالف دون المحلوف عليه، وأوجبها أحمد بن حنبل على المحلوف عليه دون الحالف احتجاجًا برواية عكرمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من حلف على أحد بيمين وهو يرى أنه سيبره فلم يفعل فإنما إثمه على الذي لم يبره". ودليلنا قول الله تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ} المائدة: 89، فجعل الكفارة على الحالف دون المحنث، وقد جاءت السنة بما يوافق هذا.
روى راشد بن سعد عن عائشة رضي الله عنها قالت: أهدت لنا امرأة طبقًا فيه تمر فأكلت منه عائشة، وأبقت تميرات، فقالت لها المرأة: أقسمت عليك إلا أكلتيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بريها؟ فإن الإثم على المحنث"، فجعل البر والحنث على الحالف والإثم على المنحث، وعلى هذا يحمل حديث أبي هريرة فيما احتج به أحمد.
فصل:
والثانية: أن يريد الحالف بيمينه يمينًا يعقدها على المستحلف يلزمه برها وحنثها، فلا يكون يمينًا للحالف؛ لأنه لم يردها، ولا تكون يمينًا للمستحلف، لأنه لم يحلف بها؛ ولأنه لم تنعقد يمين المكره مع حلفه كانت يمين من لم يحلف أولى أن لا تنعقد.
والثالثة: أن يريد بها السؤال والطلب، ولا يقصد بها يمينًا لنفسه ولا لصاحبه، فلا تكون يمينًا بحال.
والرابعة: أن يطلقها، ولا تكون له نية فيها بيمين ولا غيره، فلا تكون يمينًا، لا يختلف فيها مذهب الشافعي؛ لأنه لم يقترن بها عرف شرع ولا عرف استعمال، فخرجت عن حكم الأيمان.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ عَهْدِ اللَّهِ وَمِيثَاقِهِ فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ إِلاَّ أَنْ يَنْوِي يَمِينًا لأَنَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ عَهْدًا أَنْ يُؤَدِّي فَرَائِضَهُ وَكَذَلِكَ مِيثَاقُ اللَّهِ بِذَلِكَ وَأَمَانَتُهُ".