فَرْعٌ آخرُ
إذا قلنا لا يجب كشفهما فحكمهما حكم الرجلين، وإذا قلنا: يجب كشفهما فحكمهما حكم الجبهة، ولو وضع ظاهُر الكفين مكشوفًا على هذا القول. ثم في (الأم) أنه لا يجوز.
وأما نفس السجوٌد فالكمال فيه التخوية، 86 أ/ 2 فهي أن يجافي مرفقيه عن جنبيه، ويقل بطنه عن فخذيه لما روى البراء بن عازب رضي الله عنهأن النبي - صلى الله عليه وسلم - (كان إذا سجد خوي)، وفي رواية (لجج)، واللجج التخوية. وروى يزيد بن الأصم عن ميمونة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (كان إذا سجد جافى يديه حتى لو أرادت بهيمة أن تمّر تحته مّرت).
وروى ابن بحينة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (كان إذا سجد فّرج يديه عن جنبيه). وروى أحمد بن جري صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (كان إذا سجد جافى عضديه على جنبيه حتى نأوي له). أورده أبو داود ومعنى نأوي له، أي: نرق له.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - من خلفه فرأيت بياض إبطيه وهو مجنح قد فّرج يديه. وقوله: هو مجنح، أي: رفع مؤخره ومال قليلًا. قال الشافعي: (يجافي حتى إن لم يكن عليه ما يستره رأيت عفرة إبطيه)، أي: سواد إبطيه ويكنى عن ذلك العفرة، كما يقال للحبشي أبو البيضاء ويفّرج بين فخذيه ورجليه ويضع يديه حذو منكبيه. قلنا: رواه وائل بن حجر رضي الله عنه.
وقال أبو حنيفة: يضع حذو أذنيه ويضم أصابعه بعضها على بعض ويضم الإبهام إليّها ضمًا بخلاف الركوع. والفرق أن هناك يقبض على ركبتيه. والتفريق أمكن له بخلاف السجوٌد، ولأنه يستحب أن يستقبل بكلها القبلة، ولا يستحب ذلك في الركوع أن يوجهها نحو القبلة، فلهذا يضم الأصابع ههنا دون الركوع ويرفع ظهره، ولا يحدودب ولا يعمد رفع وسطه عن أسفله وأعلاه، ويكون على صدور قدميه وعلى أصابع رجليه، فيضع بطول أصابع رجليه على الأرض لتكون رؤوس الأصابع إلى القبلة، وهكذا فسره بعد ذلك. قال: ويوجه أصابعه نحو القبلة ولم يقله، أي: رؤوس الأصابع. كما ذكرنا في أصابع اليد. وقال القفال: من أصحابنا من قال قوله: ويوجه أصابعه نحو القبلة لم يقل به الشافعي، وهو بخلاف قوله، ويكون على أصابع رجليه، لأنه إذا نصب الأصابع، 86 ب/ 2 فظهورها إلى القبلة، فإن أضجعها وحّول
رؤوسها إلى القبلة لم يكن على أصابع رجليه.
وفي هذا نظُر، وقد بّينا ما يزيل الإشكال، ويكره أن يفرش ذراعيه في السجود.