أحدهما: وهو القديم يجب اعتبارًا بوجود الفقر، فعلى هذا لا يجوز دع كفارته إليه.
والثاني: وهو الجديد لا تجب اعتبارًا بالقدرةً على الكسب، فعلى هذا يجوز دفع كفارته إليه.
فإن قيل: بأن الوالد لا تجب نفقته إلا بالفقر والزمانةً على قوله في الجديد فالولد أولى، وإن قيل: إنها تجب بالفقر وحد، على قوله في القديم ففي الولد وجهان:
أحدهما: أنه كالوالد تجب نفقته بالفقر وحده.
والثاني: أنها تجب بالفقر وعدم الاكتساب، بخلاف الوالد، لتأكيد نفقة الوالد كما تتأكد بوجوب إعقاب الولد دون الولد، وهكذا الأم كالأب والأجداد كالأب، والجدات كالأم، وأما من عداهم من المناسبين كالإخوةَ والأخوات والأعمام والعمات، فلا تجب نفقاتهم بحال، ويجوز دفع كفارته وزكاته إليهم، وهم أحق بها من غيرهم لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "خير الصدفةَ على ذي رحم محتاج" وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يقبل الله صدقة امرئ" وذو رحم محتاج"، وسواء كأن يتطوع بالإنفاق عليهم أم لا.
وقال بعض الفقهاء: إن تطوع بالإنفاق عليهم لم يجزه، وإن لم يتطوع أجزأه وهذا خطأ، لأن للمتطوع أن يمتنع، وفي دفع ذلك إليهم امتناع بها من الإنفاق عليهم وأما الزوجات فلا يجوز للزوج أن يدفع كفارته إلى زوجته لوجوب نفقتها عليه؟ فصارت غنيةً به، وأما الزوجة فيجوز أن تدفع كفارتها إلى زوجها وكذلك زكاتها ومنع أبو حنيفةً من دفعها إليه، لأن نفقته عليها فصار عائدًا إليها، وهذا غير صحيح؛ لأنه لا تجب عليها نفقته فصار باقيًا على فقره فجرى على حكم الإيجاب، وإنفاقه عليها لا يمنع من دفعها إليه كما لو دفعها آلي أجنبي وأطعمه إياها أو وهبها له وقد مضت هذه المسألة مستوفاةً من قبل.
مسألة:
قال الشافعي: "ولا يجزئه إلا أن يعطي حرا مسلمًا محتاجًا"
قال في الحاوي: اعلم أن مصرف الكفارةً فيمن يجوز أن يصرف إليه سهم الفقراء والمساكين من الزكاةً، وهو من جميع من الفقر والمسكنةً ثلاثة أوصاف: الحرية، والإسلام، وأن لا يكون من ذوي القربى، فأما العبد فلا يجوز دفعها إليه، لأنه لا يملكها ولأنه غني بسيده، وكذلك المدبر وأم الولد، والمعتق بعضه؛ لأن سيد رقه يأخذ منها قدر حقه وهو غنى، وكذلك المكاتب ولا يجوز صرف الكفارةَ إليه، وجوز أبو حنيفة رضي الله عنه صرفها إليه كالزكاةَ، وهذا فاسد، لأن حكم الزكاةً أوسع لما يجوز من صرفها إلى