في حافر البئر إذا تلف فيها حيوان بعد موته كان في حكم الجاني عليه، وإن لم يكن جانيًا، لأنه قبل موته لم يجن، وبعد موته لا يصح منه الفعل، فجرى عليه حكمه وإن لم يفعل، ويكون ولاء المعتق للآمر على الوجهين معًا، ومثل هذين الوجهين في التكفير إذا قال: ألق متاعك في البحر وعلي قيمته، هل يصير مالكًا له قبل إلقائه أم لا على هذين الوجهين:
أحدهما: أننا نعلم قبل إلقائه أنه قد كان مالكًا له قبل إلقائه.
والثاني: أنه لايصير مالكًا له، وإنما يجري عليه حكم الملك، لأنه قبل الإلقاء لم يملك، وبعد الإلقاء لا يصح أن يملك.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً كَفَّرَ عَنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَأَطْعَمَ أَوْ أَعْتَقَ لَمْ يُجْزِهِ وَكَانَ هُوَ المُعْتِقَ لِعَبْدِهِ فَوَلاَؤُهُ لَهُ ".
قال في الحاوي: أعلم أنه لا يخلو حال من كفر عن غيره بغير إذنه من أن يكون مكفرًا عن حي أو ميت، فإن كفر عن حي لم يجز الكفارة عن الحي، لأن النية فيها مستحقة، وعدم الإذن مانع من صحة النية، فكان ما أخرجه النائب واقعًا عن نفسه، فإن كان إطعامًا كان صدقة، وإن كان عتقًا كان تطوعًا منه وله ولاؤه، وإن نواه عن غيره كمن حج عن حي بغر أمره، كان الحج واقعًا عن الحاج دون المحجوج عنه.
وقد اختلف الفقهاء في ولاء من أعتق عبده عن غيره، فجعله أبو حنيفة للمعتق بكل حال، وجعل مالك للمعتق عنه بكل حال، وجعل الشافعي للمعتق إن عتق بغير أمره، وللمعتق عنه إن أعتق بأمره، وإن كفر عن ميت فلا يخلو أن يكون بوصية أو بغير وصية، فإن كان بوصية كانت الوصية أمرًا، فيصير كالمكفر بأمر، فيكون على ما مضى، وإن كفر عنه بغير وصية منه، فلا يخلو المكفر عنه من أن يموت موسرًا أو معسرًا، فإن مات موسرًا فوجوب الكفارة باق في تركته، فإن كفر عنه منها غير وارث ولا ذي ولاية كان ضامنًا متعديًا، ولم يسقط به الكفارة، وإن كفر عنه منها وارث، فإن كان التكفير طعامًا أجزأ، وصار كقضاء الديون الواجبة عنه، وإن كان التكفير عتقًا فضربان:
أحدهما: عتق لا تخيير فيه كعتق كفارة الظهار والقتل، فيجزئ، وإن كان بغير أمر ولا وصية؛ لأنه عتق مستحق، فإذا فات من ضمنه بالموت وجب على من قام مقامه في ماله كالحج لا يجوز أن يحج عنه في حياته إلا بإذنه، ويجب على وراثه الحج عنه فيما وجب بعد موته.
والثاني: أن يكون عتقًا فيه تخيير، كالعتق في كفارة اليمين، ففيه وجهان: