والثالث: ما لا يفوت بتأخيره، لكن يلحقه بالتأخير ضرر مثل كفارة الظهار يلحقه بتأخيرها ضرر في امتناعه من الجماع ففيه وجهان:
أحدهما: يجب تأخيرها باليسار في بلده حتى يعتق لأنه غنى.
والثاني: يجوز أن يجعل التكفير بالصيام؛ لأنه مستنصر، وهكذا حكمه لو كان ضالاً أو مغصوبًا لا يجوز أن يكفر حتى يقدر على ماله فيكفر به، فإن تلف ماله قبل وصوله إليه لم يخل حاله من أحد أمرين:
أحدهما: أن يقدر على التكفير له قبل وصوله إليه بأن يكاتب أو يراسل إلى بلد المال بالتكفير عنه، فلا يفعل حتى يتلف المال فهذا في حكم من كان موسرًا عند الوجوب معسرًا عند الأداء فيكون في تكفيره بالصيام على قولين:
أحدهما: يجوز أن يكفر به إذا اعتبر بها حال الأداء.
والثاني: لا يجوز أن يكفر إلا بالمال إذا اعتبر بها حال الوجوب.
والثانية: أن لا يقدر على التكفير بالمال حتى يتلف فيجزئه التكفير بالصيام قولاً واحدًا لأعساره في حالتي وجوبها وأدائها والله أعلم.
باب ما يجزئ من الكسوة في الكفارةمسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ منَ الكُسْوَةِ كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ كُسْوَةٍ مِنْ عَمَامَةٍ أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ إِزَارِ أَوْ مَقْنَعَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِرَجُلِ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيِّ وَلَوْ اسْتَدَلَّ بِمَا يَجُوزُ فيهِ الصَّلاَةُ مِنَ الكُسْوَةِ عَلَى كُسْوَةِ المَسَاكِينِ لجَازَ أَنْ يَسْتَدِلٌ بمَا يَكْفِيهِ فِي الشِّتَاءِ وَالصّيْفِ أَوْ فِي السَّفَرِ مِنْ الكُسْوَةِ وَقَدْ أَطْلَقَهُ اللهُ فَهُوَ مُطْلَقٌ ".
قال في الحاوي: خير الله تعالى المكفر عن اليمين بين ثلاثة أشياء: إطعام عشرة أو كسوة عشرة مساكين، أو عتق رقبة، وقد مضى الكلام في الإطعان فأما الكسوة فليس لها أقل تعتبر به، فاختلف الفقهاء فيها على خمسة مذاهب:
أحدها: وهو قول عبد الله بن عمر أنه لا يجزئ فيها أقل من ثلاثة أثواب، قميص ومئزر ورداء.
والثاني: وهو قول أبي موسى الأشعري أنه لا يجزئ فيها أقل من ثوبين، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن وابن سيرين.
والثالث: وهو قول إبراهيم النخعي أنه لا يجزئ إلا كسوة ثوب جامع كالمحلفة والكساء.
والرابع: وهو قول مالك: أنه لا يجزئ من الكسوة إلا ما تجزئ فيه الصلاة إن