أحدهما: لا يكفر إلا بالمال من إطعام أو كسوة أو عتق إذا قيل: إن المعتبر بالكفارة حال الأداء، أو أغلظ الأمرين من حال الوجوب أو حال الأداء.
والثاني: يجوز أن يكفر بالصيام إذا قيل: إن المعتبر بالكفارة حال الوجوب. فإن أراد أن يعدل عن الصيام إلى المال من إطعام أو كسوة أو عتق، فإن قيل: إن العبد يجوز أن يكفر بالمال على قوله في القديم أنه يملك إذا ملك، كان بعد عتقه أولى بالجواز، وإن قيل إنه لا يجوز للعبد أن يكفر بالمال على قوله في الجديد أنه لا يملك إذا ملك، فهل يجوز له بعد عتقه أن يكفر بالمال على وجهين:
أحدهما: يجوز، لأنه عند تكفيره حر فأشبه الحر المعسر.
والثاني: لا يجوز، لأنه لو أراد التكفير بالمال عند الوجوب لم يجزه، بخلاف الحر المعسر الذي لو كفّر بالمال أجزأه فلزمه استصحاب هذا الحكم بعد عتقه لاستقرار وجوبه في حال رقه فصار في محصول تكفيره ثلاثة أوجه:
أحدها: لا يكفر إلا بالمال
والثاني: لا يكفر إلا بالصيام.
والثالث: أنه مخير بين التكفير بالمال أو الصيام.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: "وَلَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَنِصْفِهِ عَبْدٌ وَنِصْفُهُ حُرٌّ وَكَانَ فِي يَدَيْهِ مَالٌ لِنَفْسِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ الصَّوْمُ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّرَ مِمَّا فِي يَدَيْهِ لِنَفْسِهِ قَالَ المَزْنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنَّمَا المَالُ لِنِصْفِهِ الحُرِّ لَا يَمْلِكُ مِنْهُ النِّصْفَ العَبْدُ شَيْئًا فَكَيْفَ يُكَفِّرُ بِالمَالِ نِصْفُ عَبْدٍ لَا يَمْلِكُ مِنْهُ شَيْئًا فَأَحَقُّ بِقَوْلِهِ أَنَّهُ كَرَجُلَ مُوسِرٍ بِنِصْفِ الكَفَّارَةِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الصَّوْمَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ".
قال في الحاوي: قال المزني: إذا حنث عن نصفه حر ونصفه عبد لم يخل حاله من أن يكون بنصفه الحر موسرًا أو معسرًا، فإن كان معسرًا ففرضه التكفير بالصيام، لأنه لما صام بالإعسار مع كمال حريته كان صيامه مع تبعيض الحرية أولى، وإن كان بنصفه الحر موسرًا فقد قال الشافعي ها هنا: كفر بالمال فقلب حكم الحرية على حكم الرق في الكفارة، وإن كان يغلب حكم الرق على حكم الحرية في النكاح والطلاق والنفقة والميراث والشهادة: فاختلف أصحابنا في كفارته على ثلاثة أوجه:
أحدها: وهو قول طائفة منهم أنه يكفر بالمال على قوله في القديم أنه يملك إذا ملك وعليه خرج الجواب فأما على قوله في الجديد: إنه لا يملك إذا ملك فلا يكفر إلا بالصيام.
والثاني: قاله المزني وساعده غيره من أصحابنا أنه لا يكفر إلا بالصيام على القولين