في حجرة من الخان، كذلك الدار، وإن كانت الدار مع أحدهما، فهو علي ما مضى إذا كان في الدار حجرة واحدة، فإنه لا يبر حتى تنفرد الحجرة عن الدار بباب للدخول والخروج منها بعد قطع ما بين الحجرة والدار.
ولو كانا في دار واحدة فاختص كل واحد منهما ببيت منها، فإن كانت الدارة صغيرة، حنث لأنها مسكن واحد، وإن كانت واسعة فإن اعتزلا الدار، وتفرط بالبابين منها بباب يغلق كل واحد منهما على نفسه، بر وصارا كساكن بيتين من خان جامع، فلا يحنث بسكني كل واحد منهما في بيت منه، كذلك في علوها، وسكن الآخر في سفلها، فإن كان مدخلهما ومخرجهما واحدًا حنث، إن انفرد كل واحد منهما بمدخل ومخرج وانقطع ما بين العلو والسفل بر.
فصل:
قال الشافعي: " إلا يكون له نية، فهو على ما نوى" يريد بذلك أن ما بينه من اعتزالهما في حجرتين، أو بيتين من دار، إذا كانت يمينه مطلقة على المساكنة، فأما إذا اقترنت بنية ألا يجاوره في موضع أو في محلة، أو في قبيلة، أو في بلد كانت على يمينه محمولة علي ما نواه، ولا يبر بانفرادهما في حجرتين من دار، ثم ذكر الشافعي رضي الله عنه على أن الانتقال بالبدن دون العيال، والمال مزيل لحكم السكنى، والمساكنة وقد ذكرناه.
مسألة:
قَالَ الشّافِعِيُّ:" وَلَوْ حِلْفً لَا يَدْخُلْهَا فرمى فَوْقَهَا لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَدْخُلَ بَيْتًا مِنْهَا أَوْ عَرْصَتَهَا".
قال في الحاوي: وهذا كما قال، إذا حلف لا يدخل الدار فرقى سطحها والسطح غير محجز لم يحنث.
وقال أبو حنيفة: يحنث احتجاجًا، بأنه من حقوقها، وإن سورها محيط به فأشبه قرارها.
ودليلنا شيئان:
أحدهما: أن السطح حاجز فأشبه سورها، فصار الراقي عليه كالراقي علي السور، وقد وافق علي أنه لا يحنث، بارتقائه علي السور، كذلك يجب أن لا يحنث بارتقائه على السطح.
والثاني: هو أن الدار حرز لما فيها، يقطع سارقه، وما فوق السطح ليس بمحرز، ولا قطع علي سارقه، فلما خرج عن حكم الحرز في القطع وجب أن يخرج عن حكم الدار في الحنث.