فجلس ما بينه وبين أن يستنم قائمًا، وعليه سجود السهو، لأنه زاد في صلاته، وهو القيام.
ومن أصحابنا من قال: إن كان نهوضه إلى الجلوس اقرب لا يسجد للسهو، لأنه قليل، وإن كان إلى القيام أقرب يسجد للسهو، لأنه قليل، وإن كان إلى القيام أقرب يسجد للسهو، وهذا حسٌن، ولو ذكر بعد اعتداله قائمًا لم يجز له العود، ويسجد للسهو، فإن عاد نُظِر، فإن كان جاهلًا لم تبطل صلاته، وإن كان عالمًا بأن ذلك لا يجوز بطلت صلاته كما لو تكلم في الصلاة.
مسألة: قال: "فإذا فرغ من التشهد قام مكبرًا".
وهذا كما قال: هذا اللفظ يدل على أنه لا يستحب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأول، ونص على هذا في "القديم". 91 ب/ 2.
وبه قال الثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحق. وقال في "الأم" و "الإملاء": يصلي فيه على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو الأصح. وبه قال مالك، لأنه أحد التشهدين. فرعٌ فيه الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كالتشهد الأخير، واحتج من قال بالأول بما روي "أنه كان يجلس فيه كأنه على الرضف"، يعني في تخفيفه، قلنا: لأنه كان يترك الدعاء فيخف، وعندنا لا يستحب الدعاء في هذا التشهد، ولا الصلاة على الآل وجهاً واحدًا.
وقال مالك: يدعو في هذا التشهد أيضًا بما شاء كالتشهد الأخير، وهذا غلط، لأنه في التشهد الأخير غير عازم على القيام إلى ركعة أخرى، فهو مطمئن فيه فيدعو بخلاف التشهد الأول.
ومن أصحابنا من قال: يستحب الصلاة فيه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولًا واحدًا، والذي نقل المزني متأول على أنه أراد به التشهد مع الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن التشهد لا يتم إلا بها، ولو نسي فيه الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن قلنا: لا يستحب فيه، لا يسجد، وقيل: هل يسن فيه الصلاة على الآل؟ وجهان. بناء على الوجوب في التشهد الأخير، وعند مالك يسن الدعاء فيه، وعندنا لا يسن، وإذا قلنا: يسن على الآل يسجد للسهو بتركها.
فرع
يبتدئ التكبير ههنا في أول قيامه ويمدّه إلى استوائه. وحكي عن مالك أنه قال: "لا يكبر حتى يستوي قائمًا، لأنه قيام إلى افتتاح ركعة، ولا يكبر إلا بعد اعتداله كالركعة الأولى"، وهذا غلط لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كان يكبر في كل خفض ورفع وقيام وقعود"، ولأن هذا يؤدي إلى أن يخلو موضع من الصلاة عن ذكرٍ، وهذا خلاف موضوع الصلاة، وفي الركعة الأولى يقوم إليها في غير صلاة بخلاف ههنا.
ثم قال الشافعي: "معتمدًا على الأرض بيديه"، وهذا سنة في قيامه من الجلوس،