الفصل
وهذا كما قال: إذا رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الأخيرة، جلس متشهدًا والجلوس والتشهد فرضان وكذلك الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والسلام فرضان آخران. وبه قال عمر وابن عمر وأبو مسعود البدري والحسن وأحمد رضي الله عنهم.
وقال: عليّ بن أبي طالب وسعيد بن المسيب والنخعي والزهري ومالك والأوزاعي والثوري: الجلوس فيه والتشهد معًا ليسا بواجبين. وقال أبو حنيفة: الجلوس فيه قدر التشهد واجبٌ، وقراءة التشهد لا تجب.
واحتجوا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم الأعرابي المسيء صلاته قراءة التشهد، وهذا غلط لما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: كما نقول قبل أن يفرض علينا التشهد. والسلام على الله على عباده السلام على جبريل، السلام على ميكائيل فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقولوا: السلام على الله، فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله والصلوات" إلى آخره.
وروي عن علقمة عن عبد الله بن مسعود، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن، ويقول "تعلموا فإنه لا صلاة إلا بالتشهد". وأما خبر الأعرابي فيحمل أنه كان قبل فرض التشهد، أو كان يعلم التشهد فلم يذكر له، فإذا تقرر هذا، فإن سلم قبل التشهد، فإن كان عامدًا بطلت صلاته، وإن كان ناسيًا نُظِر، فإن ذكر قبل تطاول الفصل بنى وإن ذكر بعد تطاول الفصل استأنف والرجوع في طوله إلى العُرف.
قسم الكلام في التشهد في فصلين؛ في الأفضل وفي أقل ما يجزئ. فأما الأفضل ما روى سعيد بن جبير وطاوس عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -93 أ/ 2 يعلمنا التشهد كما يعلّمنا السورة من القرآن، فقال: "قولوا: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله".
هذا رواه الشافعي، وهو اختيار أصحابنا بخراسان. ورواه أبو داود، فقال: "السلام" بالألف واللام، وهما صحيحان، لأن التنوين يقوم مقام الألف واللام، وهو اختيار أصحابنا بالعراق.
وقال مالك: وأهل المدينة الأفضل تشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد علم الناس التشهد على المنبر، فقال: "التحيات الزاكيات لله الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله، السلام عليمنا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله