وجهان أحدهما: لا يحنث؛ لأنه لم يزايل بائضه حيًا فصار كبيض السمك.
والثاني: يحنث؛ لأنه من جنس ما وصل إليه مع حياة بائضه.
وقيل: إذا أكل الذي في جوفها من غير قشر لا يحنث وجهًا واحدًا. وقيل: لا يحنث إلا بأكل بيض الدجاج فقط للعرف، وهذا غلط.
مسألة: قال: "ولو حلف لا يأكل لحمًا".
الفصل
اعلم أنه إذا حلف لا يأكل لحمًا حنث بأكل لحم الإبل، والبقر، والغنم، والوحش، والطيور؛ لأن كلها لحم، ولا يحنث بأكل لحم السمك؛ لأنه ليس بالأغلب وإن كان الله تعالى أطلق عليه اسم اللحم. ويقال: أكلت السمك والحوت ولا يقال أكلت لحم السمك، وهذا إذا لم يكن له نية، فإن نوى ذلك حنث. وقال مالك وأبو يوسف: يحنث بذلك بكل حال؛ لأن الله تعالى سماه لحمًا، فقال: "لِتَاكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً" النحل: 14 قلنا: لو حلف لا يقعد تحت سقف بيتٍ لا يحنث إذا قعد تحت السماء وقد سماها الله تعالى سقفًا، لأنه مجاز كذلك ههنا.
فرع
لو أكله ناسيًا حنث خلافًا لمالك، وهذا لأنه يقال: أكل اللحم على الإطلاق.
فرع آخر
لو أكل لحم الخنزير وسائر ما لا يحل له من اللحوم، قال ابن سريج: فيه وجهان:
أحدهما: لا يحنث؛ لأن ما لا يحل أكله في الشرع لا تتناوله يمينه المطلقة، كما لو قال: لا أبيع لم يحنث بالبيع الفاسد.
والثاني: يحنث، وبه قال أبو حنيفة؛ لأن اسم اللحم يقع عليه حقيقة كما يقع على المأكول، ويخالف البيع لأن الاسم لا ينصرف إلى الفاسد عند الإطلاق، ولذا لو باع غيره لم يحنث. لو أكل لحم شاة غيره يحنث بلا خلاف، وهذا اختيار القفال، والأول أصح عندي للعرف والعادة.
فرع آخر
لو قال 5/ أ لها: والله لا وطئتك فوطئها في حال الحيض حنث في يمينه. وقال المزني في "المنثور": لو حلف ليطأن امرأته الساعة فحاضت المرأة من ساعتها، نص الشافعي أنه إن وطئها حائضًا لا يبر؛ - لأن الشافعي يقول: لو حلف لا يشتري اليوم فاشترى فاسدًا لا يحنث؛ لأن الفاسد لا معنى له، فحصل وجهان، ذكره القاضي الطبري. وقيل: المنصوص أنه يحنث وإن كان الوطء حرامًا في الشرع وخالفه المزني.
مسألة: قال: "ولو حلف لا يشرب سويقًا فأكله، أو لا يأكل خبزًا فماثه ثم شربه".