بلده ويفرق في مساكين غير بلده. وإن قلنا لا يجوز فعلى هذا يكون تفرقة لحمه في مساكين بلده مستحقاً، وفي وجوب نحره في بلده وجهان؛
أحدهما: يجب.
والثاني: يستحب.
فرع آخر
لو نذر أن ينحر في بلده يلزمه ولا يحتاج إلى شرط الصدقة، وذكره في "الإفصاح".
فرع آخر
لو نذر الصلاة في الجامع له أن يصلي في بيته على ما ذكرنا، وفيه وجه آخر لابد أن يصلي في مسجدٍ ما وإن لم يكن جامعاً.
فرع آخر
44/ أ إذا نذر أن يجاهد في جهةٍ لم يجزئه في غيرها.
مسألة: قَالَ: "وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَهْدِي مَتَاعَاً لَمْ يُجْزِئْهُ إِلَّا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ".
الفصل
اعلم أنه إذا نذر شيئاً لا يخلو إما أن يطلق ذلك أو يعينه، فإن عينه بأن يقول: لله عليَّ أن أهدي هذا، لا يخلو إما أن يكون ذلك مما ينقل أو مما لا ينقل، كالثياب والعبيد ونحو ذلك فإنه ينقله ويفرقه على مساكين الحرم، وإنما حملنا مطلق الهدي على الحرم؛ لأن الله تعالى قال: {والْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} الفتح: 25، وقال تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إلَى البَيْتِ العَتِيقِ} الحج: 33، وإنما وجب إيصاله إلى مساكين الحرم؛ لأن المقصود من حمله إلى الحرم منفعة أهله، ومعنى الهدي المطلق في الشرع ما يصل إليهم، ولا يجوز أن يجعله في طيب البيت وتعليقه ستراً على البيت، وإن نوى شيئاً قال الشافعي رضي الله عنه: "فإن نوى أن يكون من طيب البيت أو ستراً يعلقه على البيت جعله حيث نوى؛ لأن لفظ الإهداء صالح للإهداء إلى البيت والإهداء إلى المساكين".
وقال أصحابنا بخراسان: إذا أطلق إن شاء جعله ستراً للبيت أو شري به الطيب وطيَّب به الكعبة، وهذا غلط ظاهر.
وإن كان الشيء مما لا ينقل كالدور والعقار ونحوها باع ذلك ثم أهدى ثمنه؛ لأنه إذا تعذر نقله وجب أن يحمل بدله، ألا ترى أنه إذا أهدى شيئاً بعينه فأتلفه لزمه بدله، ووجب حمل بدله لتعذر المبدل، ولأنه لما نذر ذلك مع عمله بأنه لا ينقل علينا أنه قصد بدله. وقد روي أن رجلاً سأل ابن عمر - رضي الله عنهما - في امرأة نذرت أن تهدي داراً فقال: تبيعها وتتصدق بثمنها على مساكين الحرم.