فإن فضل منها شيء صرفه فيما أمكن من البقر ولو في عشر بقرات. وإن كان لا يقدر على شراء بقرٍ كاملٍ بالفضل هل يشتري سهماً من البقر أم يتصدق به على مساكين الحرم؟ فيه وجهان. ويخالف هذا إذا لم يقصد جنساً من الأجناس الثلاثة، 47/ أ فالأجناس الثلاثة متساوية في الجواز، إما على التخيير أو على الترتيب، وإذا قصد الإبل والنذر تعلق بجنس البدنة، ولا يجوز أن ينتقل إلى البقرة إلا بقيمتها، وإن لم يجد بقرةً بقيمتها يلزمه إتمامها وعليه أكثر الأمرين من البقرة أو قيمة البدنة.
ومن أصحابنا من قال: إذا لم يجد الإبل فلا بدل له، وتكون الإبل في ذمته حتى يجدها؛ لأنه عيَّنها بنذره، والمذهب الأول؛ لأنه يجوز الانتقال إلى بدل الشيء عند العجز، كما يجوز الانتقال إلى التيمم عند عدم الماء، ولأن المقصود نفع المساكين، وهم ينتفعون بلحوم البقر أيضاً بخلاف ما لو نذر إعتاق عبدٍ لا يجوز العدول عنه بحالٍ. ومن أصحابنا من قال: يجوز البقرة قل ثمنها أو كثر، ذكره في "الحاوي".
وقال بعض أصحابنا بخرسان: أراد الشافعي - رضي الله عنه - بما ذكر إذا عين بعيراً، أو قال: لله عليَّ أن أهدي هذا، أو في هذه المسألة التي ذكرنا هل يتخير؟ وجهان أيضاً، وهو غلط ظاهر، وليس مراد الشافعي هذا. وحكي عن القفال أنه قال: لا يجوز غير الإبل سواء قال مطلقاً بدنة أو قال: بدنة من الإبل، أو كانت الإبل موجودة أو غير موجودة، ولعل هذا اختياره وهو القياس، ولكنه خلاف النص على ما بيناه.
فرع
قال أصحابنا: إذا انتقل إلى البدل في هذه المسائل التي ذكرناها يتخير بين البقر والغنم، ولا يراعي الترتيب بين البقر؛ لأن الواجب البدنة أو بدلها.
وقال في "الحاوي": إذا وجد البقر لا يعدل إلى الغنم، فإن لم يجد البقرة عدل إلى سبع من الغنم، وهل يراعي القيمة؟ فيه وجهان؛ فإذا راعينا القيمة ففي قيمتها ثلاثة أوجه:
أحدها: عليه أكثر الأمرين من قيمة البدنة أو سبع من الغنم؛ لأن البدنة هي الأصل 47/ ب المنذور.
والثاني: يلزمه أكثر الأمرين من قيمة البقرة، أو سبعٍ من الغنم.
والثالث: يعتبر أكثر الأمور الثلاثة من قيمة البدنة أو البقرة، أو سبع من الغنم؛ لأنه أصل في البدنة في البقرة، والبقرة أصل في الغنم فاعتبر أغلظها.
ثم قال الشافعي - رضي الله عنه -: "وَالخَصِيُّ يُجْزِئُ". وقد ذكرنا هذا في الأضحية، وذلك أن الخصي أطيب لحماً من الفحل وأوفر وأرطب وذكر بعض أصحابنا