وجود الشرائط بخلاف المنذورة في هذه السنة. وقال المزني وابن سريج: يلزمه القضاء بكل حالٍ كما لو قال: أصوم غداً فأغمي عليه حتى مضى الغد يلزمه قضاء يومٍ آخر.
وقال صاحب "التقريب": ولهذا وجه 51/ ب وهو قول أبي حنيفة، وهذا لا يصح؛ لأن النذر المطلق محمول على الشرع، والحج الشرعي لا يستقر مع الحصر بخلاف الصوم، فإن الصوم الشرعي يجب عليه مع الإغماء أيضاً.
ومن أصحابنا من قال: في حجة النذر طريقان؛ أحدهما: أنها كحجة الإسلام، فإن كان الإحصار خاصاً يجب به قضاء الحج المنذور، وإن كان الحصر عاماً فهل يجب قضاءه؟ قولان؛ لأن حجة النذر أغلظ. قال صاحب "الحاوي": وهذه الطريقة أشبه بالمذهب، وإن أخَّرَه لعذرٍ يختص به من مرضٍ أو ضل الطريق أو أخطأ العدد، أو نسي الوقت فقد استقر في ذمته ولزمه فعله، فإن مات قضي عنه، وهذا لأن حصر العدو يخالف هذه الأعذار في جواز التحلل من الحج الشرعي والمنذور محمول على المشروع.
واعلم أن هذا مشكل، وموضع إشكاله لأن القضاء إذا لزمه مع عذر المرض وخطأ العدد وجد أن يلزمه مع حصر العدو ومنع السلطان، فإذا لم يلزمه في منع العدو وجب أن لا يلزمه في المرض، ولا تخلو هذه السنة من أن تكون متعينة لنذره أولاً، وكيفما كان فالواجب أن يستوي منع العدو ومنع المرض، وهذا مذهب المزني في المرض، وادعاه قولاً للشافعي - رضي الله عنه - أنه فصل بين المرض وحصر العدو في التحلل فألحق المرض بسائر المعاذير التي هي معاذير تقصيره مثل خطأ العدد أو النسيان والتواني، وهذه المعاذير التي حصلت بتقصيره فالقضاء معها واجب قولاً واحداً، ولا خلاف فيه وإنما الإشكال في المرض.
فرع
لو قال: إن شفي الله مريضي فلله عليَّ أن أحج، فشفاه الله تعالى وجب الحج عليه، ولا يعتبر في وجوبه وجود الزاد والراحلة، 52/ أ وهل يعتبر وجودهما في وجوب أدائه؟ ظاهر المذهب أنه يعتبر.
وقال صاحب "الحاوي": فيه وجهان حكاهما ابن أبي هريرة: أحدهما: لا يعتبر؛ لأنه كان قادراً على استثنائه في نذره، وهو قول من لا يطرح الغلبة في الإيمان فلم يطرحها في النذر. والثاني: يعتبر كما قلنا في المشروع.
فرع آخر
هل يجب تعجيله على الفور؟ فيه وجهان يخالف المشروع.