والثاني: استيفاء الحقوق بعد ثبوتها عند التدافع والتمتع، فإن كانت في الذمة ألزم الخروج منها، وإن كانت أعياناً سلمها إن امتنع من تسليمها.
والثالث: النظر في العقود من المناكح والبيوع وغيرها عند الاختلاف فيها، ليحكم باجتهاده في صحتها وفساده، أو ليخالف عليها.
والرابع: فصل التشاجر في حقوق الأملاك من الشفعة وحدودها والاستخلاف، والعمل بشواهد الأبنية، فأما مخارج الأبنية والأجنحة في الطرقات ومقاعد الأسواق، فإن جاءه فيها متظلم نظر فيه ودخل في ولايته، وإن لم يأت فيه متظلم دخل في المشيبة وكان المحتسب أحق بالنظر فيه، ثم إن لم يفتقر إلي اجتهاده تفرد المحتسب به، وإن افتقر إلي اجتهاده وكان القاضي أحق بالاجتهاد فيه وأولي من المحتسب، ويكون المحتسب فيه منفذاً لحكم القاضي.
والخامس: الولاية علي ألأيامي في المناكح منن أكافئهن عدم أوليائهن أو عضلهم.
والسادس: الولاية علي 76/ أ ذوي الحجر لصغرٍ أو جنون إذا عدم أولياء النسب، أو لسفهٍ يحجر به ويرتفع بإيناس الرشد.
والسابع: الحكم بنفقات الأقارب والزوجات والعبيد وتقريرها برأيه واجتهاده.
والثامن: النظر في الأوقاف والوصايا إن لم يكن فيها ناظر يتولي ذلك، وإن كان فيها ناظر يراعيها، فإن كانت لمعينين سقط الاجتهاد فيهم، وإن كان للموصوفين تعينوا باجتهاد الناظر قبل الحكم، وباجتهاد القاضي عند الحكم.
التاسع: النظر في التعديل والجرح والتقليد والعزل، فيعمل فيه علي اجتهاده سواء وافق فيه اجتهاد من قلده أو خالفه إلا في التقليد والعزل، فيكون اجتهاد من قلده فيه أنفذ.
والعاشر: إقامة الحدود علي مستحقيها فيما تعلق بحقوق الآدميين من إقامة حد القذف والقصاص.
فأما ما تعلق منها بحقوق الله تعالي المحصنة كحد الزنا وشرب الخمر وتارك الصلاة، فإن تعلق باجتهاد كان القاضي أحق بها لاختصاصه بالاجتهاد في الأحكام، ويأمر أمير البلد باستيفائها، وهو أولي من مباشرتها بنفسه، وعليه أن يعمل بأمره فيها، وإن لم يتعين بالاجتهاد كان الأمير أحق بها لتعلقها بتقويم السلطنة، فإن تعلق بها سماع البينة سمعها القاضي واستوفي الأمير.
فرع آخر
لو كان أموال الغائبين في بلد قضائه، فإن علموا بها فلا نظر للقاضي فيها لوقوفها علي اختيار أربابها. وإن لم يعلموا بها لأنهم ورثوها وهم لا يعلمون فهي داخلة في نظر القاضي وعليه حفظها حتى يقدموا أو يوكلوا فتخرج حينئذ من نظره.