مسألة: قَالَ: "ويَعُودُ 83/ ب المَرضي، وَيَشْهَدُ الجَنَائِزَ، وَيَاتِي مَقْدَمَ الغَائِبِ". يستحب له أن يفعل كل ذلك لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد غلامًا يهوديًا في جواره وعرض عليه الإسلام فأسلم.
ويحضر كلها إن تيسر بخلاف الولائم؛ لأنها لا تطول والولائم تطول، فله أن يفعل البعض دون البعض. قال أبو إسحاق: ويخص بذلك من عرفه وقرب منه، والفرق بين هذا وبين حضور الولائم أن حضورها حق الداعي؛ لأنه ينفق ويتكلف الناس بحضوره إكرامًا له، وليس كذلك عيادة المريض وحضور الجنائز؛ لأن ذلك من أعمال البر والطاعة يقصد بها وجه الله تعالى والثواب.
وأيضًا فإن عيادة المرضي والجنائز تكثر وفي حضورها كلها مشقة شديدة، وانقطاع عما عليه من النظر لامتدادها بخلاف الولائم في الغالب، فيحضرها متى قدر، ولا يجوز أن يحضر بينهم.
وأما زيارة القادم فإن شاء زار البعض، وإن شاء تركها وليس عليه زيارة جميع القادمين؛ لأن ذلك مما يكثر ولا ينبغي أن يعتاد الزورات في البلد لهذه الأمور؛ لأن فيه ابتذالًا وتضييعًا للقضاء.
وقال ابن المرزبان: سمعت القاضي أبا حمدٍ يقول: الصحيح أن يعود الكل أو يترك الكل، وكذلك في الجنائز ومقدم الغائب، وهذا خلاف ما قاله سائر أصحابنا. والشافعي -رضي الله عنه- ذكر ذلك في إجابة الوليمة دون غيرها، فلا يصح هذا القول.
فرع
إن جاءَه الخصمان بدأ بهما قبل صلاة الجنازة؛ لأن ذلك فرض على الكفاية والقضاء فرض على عينه.
فرع آخر
قال الشافعي رضي الله عنه: يجوز للقاضي اتخاذ السحن لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حبس رجلًا في تهمةٍ يومًا وليلةً. وروي أن عمر -رضي الله عنه-84/ أ اشترى دارًا بمكة بأربعة آلاف درهم وجعلها سجنًا.
وروي أن عمر -رضي الله عنه- حبس الحُطيئة الشاعر فقال:
مَاذَا تَقُولُ لأَفْرَاخ بِذِي مَرَخٍ زُغْبِ الحَوَاصِلِ لا ماءٌ وَلَا شَجَرُ
أَلْقَيْتَ كَاسِبهُمْ فِي قَعْرِ مظلمةٍ فَارْحَمْ عَليكَ سَلَامُ اللهِ يا عُمَرُ