فرع آخر
قال أصحابنا: ويستحب مع ذكرنا من الشرائط أن يكون حليماً، مثبتاً، ذا فطنة وتيقظ، لا يؤتي من غفلة، ولا يخدع بغرة، عالماً بلغات أهل قضائه، جامعاً للعفاف نزيهاً، بعيداً من الطمع، صدوق اللهجة، ذا رأي ومشورة، وكلامه لين إذا قرب، وهيبة إذا أوعد، ووفاء إذا وعد، وعليه السكينة والوقار.
وقد حكي عن علي-رضي الله عنه- أنه ولى أبا الأسود الدؤلي القضاء ساعة من نهار ثم عزله، فقال: لم عزلتني، فو الله ما خنت، فقال بلغني أن كلامك يعلو كلام الخصمين إذا تحاكما إليك.
فرع آخر
لو كان يطرأ عليه في الأحيان جنون نظر، فإن امتد به حتى يتأخر عن أوقات النظر لم يصح تقليده، وإن قصر زمانه وكان كالساعة نظر، فإن أثر في زمان إفاقته كفتور حسه، ودهشة عقله لم يصح تقليده، وإن أفاق من ساعته وعاد إلى استقامته هل يجوز تقليده؟ 147/ ب فيه وجهان: أحدهما: لا يجوز، لأنه يخرج في زمان ذلك عن حكم التكليف، وتبطل به فروض العبادات.
والثاني: يجوز ويجري مجرى فترات النوم وأوقات الاستراحة.
فرع آخر
لو أغمى عليه لم يؤثر في ولايته، لأنه مرض لا تمنع منه النبوة، وفيه وجه بعيد أنه يعزل به وليس بشئ.
فرع آخر
لو طرأ عليه الجنون بعد التقليد ولا يته ولا يعود بالإفاقة. وفيه وجه بعيد لا يبطل، لأنه أقوى من الوكالة وليس بشيء.
فرع آخر
لو كان فاسقاً بشيء يختص بالاعتقاد وله فيه شبهة يتأول بها خلاف الحق، هل يجوز تقليده؟ فيه وجهان: أحدهما: لا يجوز، لأنه لما استوي حكم الكفر بتأويل وغير تأويل، كذلك الفسق.
والثاني: يجوز، لأنه لما كان تأويل الشبهة في الفروع لا يمنع التقليد فكذلك في الأصول.
فرع آخر
لو طرأ عليه فسق التعاطي بارتكاب المحظورات بطلت ولا يته كما تبطل شهادته، وهذا لأن القضاء أحوج إلى العدالة والأمانة لكونه أعظم منزلة وأجل محلاً. وحكي عن أبي حنيفة-رحمه الله- أنه قال: لا تبطل ولايته ولكن يستحق العزل. وقيل: لا يصح هذا عن أبي حنيفة، ذكره أهل العراق. وقيل: إنه وجه لبعض أصحابنا وليس