الهيئات؛ فالرجل يخالف المرأة في بعضها، فالرجل يجافي مرفقيه عن جنبيه راكعًا وساجدًا، ويقل بطنه عن فخذيه ساجدًا، والمرأة تضم مرفقيها إلى جنبيها، ولا تقل بطنها عن فخذيها لأنها عورة، وهذا أستر لها.
وأما في الجهر والقراءة: فالمرأة كالرجل ما لم يسمعها الرجال الأجانب وإنما يسمعها النساء أو ذوي محارمها من الرجال، فإن كان يسمع الرجال الأجانب فالسّنة لها الإسرار بخلاف الرجل وهو معنى قول الشافعي: "وتخفض صوتها"، وهذا لأن صوتها كالعورة.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: لم يرد الشافعي أنها تسرّ كما صلاة السرّ، بل أراد تسمع من يليها قليلًا ولا تجهر 106 أ/ 2 بحيث يسمع أهل المسجد كلهم بخلاف الرجل، فإنه يستحب له ذلك عند الإمكان.
وقال بعضهم: لا يزيد على إسماعها نفسها، وهو غلط ظاهرٌ وما تقدم أصحّ. وأما في التشهدين: تجلس كما يجلس الرجل. وقال أبو حنيفة: "تجلس كأستر ما يكون".
وقال الشعبي: "تجلس كما يتيسر عليها".
وكان ابن عمر رضي الله عنها يأمر نساءه أن يجلسن متربعات، وهذا غلط، لأنه ليس في هذا ترك الستر، فكان مسنونًا في حقها كوضع اليمين على الشمال.
مسألة: قال: "وتكتف جلبابها".
وهذا كما قال: الجلبات: الشملة التي تشتمل بما فوق الثياب، وقال أبو عبيد: هو الخمار والإزار. وقال الخليل بن أحمد: الجلباب أوسع من الخمار وألطف من الإزار. وقوله: تكثف، أي: تجعله كثيفًا حتى لا يصفها، والكثيف: الثخين.
وقيل: تكثف وتكفت. والكفت: الشدّ، والكفت: الجمع، أي: تجمع. قال الله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ كِفَاتاً} المرسلات: 25، أي: نضمهم ونجمعهم، إنما كان ينبغي للمرأة أن تفعله لأنها عورة، فلا ينبغي أن تصفها ثيابها. قال: "وتجافيه راكعة وساجدة لئلا تصفها ثيابها". أراد به تجافي عن نفسها ثيابها لأنها لو ضمت ثيابها حكي ضمها خلقتها من السمن والهزال، وهذا مستحب.
وقال بعض أصحابنا: يستحب لها أن تصلي في أستر موضع، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة المرأة في قعر بيتها أفضل من صلاتها في صحن دارها".
مسألة: قال: وإن نابها شيء في صلاتها صفقت".