القرآن العظيم وهو الآية التي ذكرناها.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم 170/ ب قال: "لا تستضيئوا بنار المشركين" أي لا ترجعوا إلى أمانهم ولا تعولوا على مشاورتهم.
وروي أن أبا موسى الأشعري قدم على عمر- رضي الله عنهما- ومعه كاتب نصراني فأعجب عمر بخطة وحسابه واستحسنه، فقال له عمر: أحضر كاتبك ليقرأه، فقال: إنه نصراني لا يدخل المسجد، فزبره عمر وقال: لا تأتمنوهم وقد خوفهم الله تعالى، ولا تقربوهم وقد أبعدهم الله تعالى ولا تعزوهم وقد أذلهم الله تعالى.
وروي: ولا تكرموهم إذ أهانهم الله تعالى، ولا تدنوهم إذ أقصاهم الله تعالى، ولا تأمنوهم إذ خوفهم الله تعالى، وأمر بعزله. وروي أنه قال عمر- رضي الله عنه -: اتخذته كاتباً؟ فقال: له دينه ولي كتابته، فقال عمر رضي الله عنه ما ذكرنا. ومن أصحابنا من قال: فيه وجهان، أحدهما: مات ذكرنا. والثاني: أنه يجوز أن يكون كافراً وفاسقاً، لأن ما يكتبه لا بد أن يقف عليه القاضي ثم يمضيه فيؤمن خيانته.
فرع آخر
إذا اتخذ القاضي كاتباً فهو بالخيار، إن شاء أجلسه عنده وإن شاء أجلسه بالبعد منه. فإن أجلسه عنده فإذا مضى شئ يحتاج إلى إثبات أمره يكتبه وينظر في ذلك حتى لا يحرف ولا يغير، وإن أجلسه ناحية، فإذا أقر عنده رجل بحق وينكره أنفذ المقر إليه حتى يثبته.
قال الشافعي رضي الله عنه: ويستحب أن يكتب الحاكم اسم المقر عنده احتياطياً لئلا يرجع عن الإقرار إلى أن يبلغ 171/ أ فربما يختلط ولا يعرف عينه.
وينبغي أن يقرأ القاضي بعد كتابته ويعلم فيه بخطه، ويشهد به على نفسه ليكون حجة للمتحاكمين وقيل: إنه يتخير بين أن يلقيه عليه حتى يكتبه في لفظه، أو يكتبه الكاتب بألفاظه والقاضي ينظر إليه أو يقرأه بعد الكتابة.
فرع آخر
لو رد القاضي المتخاصمين عند الاشتباه إلى وساطة متوسط بينهما لم يلومهما الرجوع إليه، وإن سألاه ردهما إليه لزمه الكف عن النظر بينهما ولا يلزمه ردهما إلى وسيط معين، لأن ردهما إليه تقييد له إلى النظر بينهما، ولا يلزمه أن يقلد لهما ناظراً، فإن فعل كان تبرعاً منه وحملهما الوسيط على التراضي دون الإلزام، إلا أن يرد القاضي إليه الإلزام فيصير حاكماً وملزماً.