تعالى؟ قال بعض العلماء: يحمد الله تعالى. وروي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: "العاطس في الصلاة يجهر بالحمد"، وكذلك قال النخعي ومحمد، وهو مذهب الشافعي، قال: إنه يستحب أن يكون في نفسه"، وهذا غريب.
فَرْعٌ آخرُ
إذا سلم رجل على المصلي، قال في "القديم": "يرد بالإشارة بيده وبرأسه ولا يتكلم". وبه قال جميع أصحابه، وهو مذهب مالكٍ وأحمد وأبي ثور. وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما، ولو قال: عليك السلام بطلت صلاته، لأنه خطابٌ لآدمي على طريق الجواب فجرى مجرى سائر الكلمات ويخالف تشميت العاطس في قول، لأنه موضوع للدعاء لا للخطاب.
وقال الحسن وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب وقتادة: يرد لفظًا، واحتجوا بأن ردّ السلام واجب، والكلام الواجب لا يبطل الصلاة، وقال أبو ثور وعطاء والنخعي، والثوري يؤخر الردّ حتى يفرغ من الصلاة، 108 أ/ 2 ثم يردّ بالكلام"، وحكي عن الثوري أنه قال: "إن كان المسلم حاضرًا فعل هكذا، وإن كان قد ذهب اتبعه بالردّ". وقال النخعي: "ردّ عليه بقلبه".
وقال أبو حنيفة: "لا يردّ أصلًا، لا بالقلب ولا بالإشارة، لأن العمل يكره في الصلاة"، وهذا كله غلط لما روي أن ابن مسعود رضي الله عنه لما قدم من الحبشة سلّم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة، فلم يردّ عليه، قال ابن مسعود: فأخذني ما قربُ وما بعُد فلما فرغ، قلت: يا رسول الله أنزل فيَّ شيء؟ فقال: "لا، ولكن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن مما أحدث لا تكلموا في الصلاة"، وهذا دليل على الحَسَن ومن تابعه.
وروي ابن عمر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا سُلّم على أحدم وهو في الصلاة، فليُشر ولا يتكلم".
وروى ابن عمر رضي الله عنه، قال: "دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسجد عمرو بن عوف يصلي ودخل معه صهيب، فدخل رجال من النصار فسلموا عليه، فسألت صهيبًا: كيف كان يصنع إذا سلّم عليه؟ فقال: كان يشير بيده"، وفي هذا نص فيما قلناه، وأما قوله: (إن ردّ السلام فرض)، قلنا: إنما يكون فرضًا إذا وقع في موقعه، وههنا الأولى أن لا يسلّم لأن المصلي مشغول بصلاته، فهو كمن سلّم على من هو قاعد لحاجته لا يرد عليه، وقد نص الشافعي إلى أن الداخل على الإمام في حال خطبته يكره له أن يسلم، فينبغي أن يكون المصلي أولى به.
وبه قال عطاء وأبو مجلز والشعبي وإسحاق، وروي ذلك عن جابر رضي الله عنه،