صدقه (على) أنه أراد حاله النصرانية ولكنها لم تكن نصرانيه وهو علي ما ذكرنا، فإذا قلنا القول قوله مع يمينه فحلف وجب التعزير ويلاعن لإسقاطه، فإن نكل حلفت ووجب الحدّ ويلاعن لإسقاطه، وإن قلنا القول قولها فحلفت وجب لها الحدّ، وإن نكلت فحلف وجب عليه التعزير للقذف، وإن علم أنها لم تزل مسلمه مولودة علي الإسلام لزمه الحدّ قولاً واحداً، ولو قال لها: زنيت ولم يضفه إلي حال الكفر، ثم قال: أردت به أنها زنت وهي نصرانيه لم يقبل منه، وإن علم أنها كانت نصرانية، لأن الظاهر أنه قذفها في الحال وهي في الحال مسلمه، فإن قال: هي تعلم أني أردت به في حال النصرانية، فإن صدقته سقط عنه الحد، وإن كذبت حلفت أنها لا تعلم أنه أراد في حال النصرانية وحد إلا أن يلتعن.
والثالثة: إذا قال لها: وهي حرة زنيت وأنت أمه فالحكم فيها كما ذكرنا إذا قال: وأنت نصرانية إلا أنه لو قال: زنيت وأنت أمه الآن، وقالت: أنا حرة فيه قولان، ولا يجئ هذا في النصرانية أن يقول: وأنت نصرانية الآن لأنها إذا قالت: بل أنا مسلمة الآن يكون إسلاماً وإبطالاً لقوله.
وذكر أبو حامد ههنا أيضاً ما ذكر في المسألة السابقة ق 16 ب وقد بيَّنا بطلانه.
والرابعة: إذا قال لها زنيت وأنت مستكرهه علي الزني فلا حدّ عليه، لأن هذا لوثبت لم يجب به الحدّ ويعزر للأذى إلا أن يلتعن.
وقال بعض أصحابنا: فيه وجه آخر لا يعزر للأذى ههنا لانتفاء معرة الزني عنها وهي معذورة مأجورة إن كان الأمر علي ما قال والأول: أظهر، والثاني: أقيس.
كذلك لو قال: زني بك فلان وأنت نائمة فهو كما لو قال: وأنت مستكرهه.
والخامسة: إذا قال لها: زني بك صبي لا يجامع مثله فهذا يعلم كذبه وليس عليه حدّ ويعزر للفحش دون القذف، ولا يسقط هذا التعزير باللعان بلا خلاف.
فإن قال قائل: أليس قال الشافعي عقيب هذه المسائل: ويعزر للأذى إلا أن يلتعن.
قلنا: إطلاق لفظ الشافعي يرجع إلي مسألة النصرانية والأمة والمستكرهة وقوله: يعد للأذى أراد في القذف، لأن كل قذف أذي دون أذي الفحش، وفي بعض نسخ المزني ويعزر للأمة إلا أن يلتعن. وهذا علي ظاهره صحيح والمشهور الأول والمراد ما ذكرنا، ولو قال: زني بك صبي يجامع مثله فإنه قاذف وعليه الحد إلا أن يلاعن لأنه لوثبت لزمه الحد به.
وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: إذا قال: زنيت وأنت أمه أو مشركة يلزمه الحدّ بخلاف ما لو قال: وأنت صغيرة أو مجنونة، لأنه أضاف الزني إلي حاله هي فيها مكلفه ونحن نعتبر أن تكون مكلفه يُحدّ قاذفها في تلك الحالة.
فرع:
لو ادعي أنها لما قذفها كان نائماً لا يُقبل إلا ببينه، ولو قال: كنت صبياً فيه قولان.