والثاني: لا يلزمه الحد لأنه فثبت كذبه عليها في الجملة.
وإن كان كرر عليها القذف قبل إقامة الحد؛ فإن كرر بزنى واحد لم يجب إلا حد واحد؛ وإن كرر بزنى آخر. قال في الجديد؛ والقديم: يلزمه حدّ واحد؛ وقال في موضع من القديم: ولو قيل عليه حدان كان مذهباً فقيل قولان:
أحدهما: يجب حدان ولا يتداخل كالقصاص والصحيح خلافه لأنهما حدان من جنس واحد فيتدخلان كحدي الزنى.
وأما مسألة الكتاب: إذا قذف بامرأة ثم تزوجها قبل أن يقام عليه الحد؛ ثم قذفها نظر فإن قذفها بالزنى الأول لم يجب عليه حد آخر وليس له إسقاطه إلا ببينة؛ وإن قذفها بزنى آخر فلها المطالبة بموجب كل واحد من القذفين؛ فإن طالبت بموجب القذف الأول؛ فإن أقام الزوج البينة سقط عنه حدّ القذف الأول والثاني؛ لأنه ق 18 ب بطل إحصانها بقيام البينة بالزنى؛ وإن لم تكن بينة حد؛ ثم إذا طالبته بالقذف الثاني؛ فإن كان له بينة أو لاعنها سقط موجبه وإن لم يكن له بينة ولاعنها يحدّ لها ثانياً نص عليه؛ وبه قال عامة أصحابنا. ويخالف هذا الأجنبية إذا حُدَّ لها؛ ثم قذفها بزنى آخر هل يحد ثانياً؟ وجهان؛ والفرق أن موجب القذفين ههنا مختلف؛ لأنه يتخلص من أحدهما باللعان بخلاف ذلك؛ وقال المزنى في جامعه الكبير: القياس أن لا يجب إلا حدّ واحد لأنهما قذفان بدل واحد فلم يجب إلا واحد.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: ينبغي أن يكون الحدّ الأول بالقذفين ولا يطالب باللعان؛ لأن الموجب واحد وهو الحد: وإنما الحجة تختلف؛ وهذا حسن غريب ولكنه خلاف المذهب المنصوص.
وإن طالبته بهما فأقام الإمام عليه الحدّ الأول؛ فإن أقام البينة حدت بالزنى وسقط عنه الحدان؛ لأن البينة تسقط حصانتها من حق كل واحد؛ وإن التعن سقط عنه ما وجب بقذفه حال الزوجية؛ وعليه الحد للقذف الذي كان قبل الزوجية؛ لأن اللعان حجة للزوج وحده؛ وقبل الزوجية كان أجنبياً فعليه الحد ولهذا لو لاعن الزوج؛ ثم رماها به ثانياً لم يُحدّ؛ وإن رماها به الأجنبي حُدَّ لأن اللعان لا يتعدى إلى الأجنبي.
وإن لم تقم البينة ولم يلاعن هل يقام عليه حد واحد للأول والثاني أو يقام حدان؟ فيه طريقان:
إحداهما: إذا امتنع من اللعان صار الحدان من جنس واحد فإنهما لا يسقطان إلا بالبينة فهل يلزم حد أو حدان؟ قولان.
ق 19 أ والثانية: عليه حدان قولاً واحداً ولا يتداخلان لأنهما حدان مختلفان أحدهما يسقط باللعان دون الأخر؛ وهو اختيار القاضي الطبري.
قال: ولأنه وإن امتنع من اللعان فمتى أراد أن يلتعن كان له وسقط الحد فهما