فهل يجوز التزويج بالتحكيم؟ وجهان:
أحدهما: يجوز، لأن الحق لها وإنما يزوجها الحاكم بولاية النظر في مصالح المسلمين، بخلاف ما إذا كان الولي غائباً، لأن الحق للولي دونها.
والثاني: لا يجوز لغلظ حكمه.
فرع آخر:
إذا زوج أمة من عبده هل يجوز أن يلاعنا عند سيدهما؟ فإن كان عامياً لا يعرف الأحكام لم يجز، وإن عالماً يحسن أن يلاعن بينهما، من أصحابنا من قال: يجوز منه ذلك، لأنه يجوز منه إقامة الحد عليه كالحاكم، ومن أصحابنا من قال: فيه وجهان:
أحدهما: ما ذكرنا.
والثاني: لا يجوز ذلك لأنه يقيم الحد عليها ق 28 أ بالإقرار دون ألبته واللعان بينة فلا يجوز له سماعه، ولو تلاعن الزوجان وحدهما وتراضيا به لا يجوز بلا إشكال.
باب الشهادة من اللعان:
مسألة:
قال: " إِذَا جَاءَ الزَّوْجُ وَثَلَاثَةٌ يَشْهَدُونَ عَلَي امْرَأَتِهِ مَعاً بالزاني لَاعَنَ الزَّوْجِ".
الفصل:
إذا شهد الزوج علي زوجته بالزاني مع ثلاثة نفر لا تقبل شهادته؛ لأنه يتصور فيه صورة المدعيين، ويه قال أحمد، وقال أبو حنيفة: تقبل شهادته، وهذا غلط لما ذكره الشافعي أن شهادته تضمنت أنها أفسدت فراشه وألحقت به نسباً ليس منه ووترته من نفسه بأعظم من أن يأخذ الزاني له، ويشتم عرضه أو ماله تشديد من الضرب، فلهذا لا تقبل شهادته، ومعني وترته: أي نفضته في نفسه بما التزامه من العار.
وجملة مقصودة أنه صار عدواً له وخصماً ومن المحال قبول شهادة العدو علي العدو والخصم علي الخصم.
فإذا تقرر هذا نقول: الخلاف إذا لم يتقدم القذف منه، فإن تقدم منه قذفها ثم جاء مع ثلاثة فشهدوا عليها بالزاني لا تقبل شهادته بالإجماع؛ لأنه صار خصماً بالقذف، ويلزم الحد إلا أن يلاعن أو يقيم البينة، وهل يحد الشهود الثلاث؟ قولان: لأنهم نقصوا عن أربعة، وعند أبي حنيفة: يحدون ولو لم يتقدم قذفه وجاء يشهد مع الثلاثة، وقد بيَّنا أنه لا يقبل ويكون قاذفاً يلاعن أو يحد وهو ظاهر المذهب، واختيار أبي إسحاق، ويفارق الشهود الثلاثة لا يحدون في أحد القولين؛ لأن الزوج جاء ق 28 ب مجيء الخصوم