إقرارها (بالزنى)، فإن كان من غيره تُقبل لإسقاط حدّ قذفه وإن كانا منها لا تُقبل.
مسألة:
قال: "وَلَوْ قَذفَهَا وَقاَلَ: كَانَتْ أَمَةً أَو مُشْركَةً فَعَليْهَا البَينَّةُ أَنهَّا يَوْمَ قَذَفَهَا حرَّةٌ مُسْلمَةٌ".
الفصل:
إذا قال القاذف: قذفتك وأنت أمة أو مشركة، وقالت المقذوفة: بل قذفتني وأنا حرة أو مسلمة، فإن عرف أنها كانت مشركة أو أمة، وادَّعت أنه قذفها، وقد أعتقت أو أسلمت فالقول قوله عليها البينة، وإن لم يعرف حالها كيف كانت، قال أبو إسحاق: يحتمل وجهين، وقال صاحب" الإفصاح": فيه قولان:
أحدهما: القول قوله. وهو الذي نقله المزني؛ لأن الدار يجمع المسلمة والمشركة والحرة والأمة، فإذا ادعت أنها كانت مسلمة أو حرة فعليها البينة.
والثاني: نص عليه في كتاب اللقط القول قولها، لأنا إذا رأينا في الحال حرة مسلمة فالظاهر أن ذلك حالها فيما مصلا إلا أن يعلم غيره بالبينة.
وأعلم أن صورة هذه المسألة ق 31 أ أنه قذفها مطلقها ثم اختلفا بعده، وصورة هذه المسألة مخالفة للمسألة التي مضت قبل هذه، وذلك لأن في هذه المسألة قذفها بالزني، ثم اختلفا بعد القذف كيف حالها وقت القذف، وفي تلك المسألة أضاف الزاني إلي حال الصبي والشرك وحال الرق وكان القذف مفيداً، وهي في حال القذف حرة مسلمة إلا أن الحكم في المسألتين واحد علي ما بيناه، فإن قيل: إذا قطع يده ثم اختلفا فقال القاطع: قطعت يده وهو عبد، وقال المقطع بل أنا حر وكان مجهول الحال.
قال الشافعي: " يقول قول المقطوع يده وعلي القاطع البينة" قلنا: قال أبو إسحاق: الفرق أنا إذا جعلنا القول قول القاذف لا يؤدي إلي بطلان الحدّ، فإنا نغزره وهو يقوم مقام الحدّ في التكذيب، وإذا جعلنا القول قول الجاني أدي إلي بطلان القصاص، ولا يكون هناك ما يقوم مقام القصاص في الردع فجعلنا القول قول المقطوع حتى لا يؤدي إلي سقوط ما يتعلق به الردع.
ومن أصحابنا من نقل جواب كل واحدة من المسألتين إلي الأخرى وخرجهما علي قولين أو الصحيح ما تقدم، فإن قيل: القاضي في "كتاب اللقطة" في لقيط وجد في دار الإسلام فبلغ، فقذفه رجل عليه الحدّ إلا أن يقيم البينة أنه مملوك. قلنا: من أصحابنا من قال: فيهما قولان علي سبيل النقل والتخريج، ومنهم من فرق بين اللقيط وبين مجهول الحال، بأن ظاهر الدار أوجب للقيط الحرية في الظاهر، وفي مجهول الحال لم نجد