في "كتاب الإقرار" فألحق الولد بزمعة لأنه كان قد وطء تلك الجارية، ولم يشترط إقراره بالولد في حال الإلحاق.
وقال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- لا يأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا ألحقت به (ق 38 ب) ولدها فأرسلوهن بعد أو أمسكوهن. فاعتبر الإلمام به ولم يشترط الاعتراف بالولد.
فإن قيل: أليس عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- نفى عن نفسه نفي جارية له مع علمه بأنه كان يطأها قبل؟ أجاب الشافعي- رحمة الله عليه- عنه فقال: "إنما أنكر لأنه سألها فأخبرت أنه من غيره، وأنكر زيد بن ثابت حمل جارية له. والسيد إذا كان على إحاطة من أنها لم يحمل منه فواسع له فيما بينه وبين الله تعالى نفي الولد وإن كان يطأها. وكذلك في امرأته الحرة إلا أنه لا يستغنى في نفي ولد الحرة عن اللعان بخلاف نفي ولد الأمة.
فإذا تقرر هذا نقول: لو اعترف بالوطء ثم ادعى الاستبراء بحيضة لم يلحق به على ما ذكرنا؛ لأن الاستبراء علامة تدل على براءة الرحم.
واختلف أصحابنا في هذا، فمنهم من قال: لابد من دعوى الاستبراء ودعوى الاستبراء استحباب؛ لأن الحرة لا تحتاج إلى دعوى الاستبراء فالأمة أولى، وهو اختيار أبي إسحاق، وهو ظاهر كلام الشافعي، وهو الصحيح، وهكذا ذكره القاضي الطبري.
وقال في "الحاوي": إذا ادعى السيد الاستبراء لنفي الولد وأنكرته الأمة ففي وجوب إخلافه وجهان:
أحدهما: لا يمين عليه، وهذا على الوجه الذي ذكره بعض أصحابنا أن نفيه معتبر بدعوى الاستبراء لا بفعله.
والثاني: وهو قول الجمهور اليمين واجبة إذا قلنا نفيه معتبر بفعل الاستبراء لا بدعواه.
والوجه الأول غلط؛ لأنه إذا كانت دعوى الاستبراء شرطاً في نفيه لم يجز أن يكون كاذباً في تلك الدعوى، فيقتضي أن يكون فعل الاستبراء شرطاً واجباً في رفع الفراش ونفي الولد (ق 39 أ) قال: فعلى هذا في كيفية يمينه وجهان:
أحدهما: يحلف بالله لقد استبرأها قبل ستة أشهر من ولادته.
والثاني: يحلف بالله لقد ولدته لستة أشهر بعد استبرائه، فإن حلف انتفى وإن نكل فيه وجهان:
أحدهما: يكون لاحقاً به بنكوله.
والثاني: ترد اليمين على الأمة، فإن نكلت كانت اليمين موقوفة على بلوغ الولد،