واحتج من قال إنه اسم (ق 42 أ) للوقت بأن العرب تسمي كل زمان أقبل قرء قال الشاعر:
كرهت العقر عقر بني شليل إذا هبت لقارئها الرياح
أي لوقتها، وقال ابن الهيثم: القرء والعدة والأجل عند العرب واحد.
وقال الأصمعي: يقال أقرأت المرأة إذا دنا حيضها وأقرأت إذا دنا طهرها، وقال أبو عبيد: أصل الأقراء إنما هو وقت الشيء إذا حضر، قال الأعشى يمدح رجلاً يغزو غزاها:
مورثة مالاً وفي الحي زمعة
... لما ضاع فيها من قروء نسائكا
وأراد ههنا الأطهار؛ لأن النساء لا يؤتين إلا فيها.
فإذا تقرر هذا فاعلم أن الله تعالى أمر المطلقة أن تعتد ثلاثة أقراء، فالظاهر يقتضي أنها إذا اعتدت ثلاثة أقراء من أحد الجنسين، إما من الحيض أو من الطهر كفى، إلا أن أهل العلم أجمعوا أنه لا يكفي، ولا يجوز ذلك بل عليها أن تعتد بثلاثة أقراء من أحد الجنسين، إما من الحيض، وإما من الطهر، ثم اختلفوا في الأقراء المذكورة في الكتاب، فذهبت طائفة إلى أنها الأطهار.
وروي ذلك عن عبد الله بن عمر، وزيد بن ثابت، وعائشة والفقهاء السبعة بالمدينة والزهري، وابن أبي ذئب، وربيعة، ومالك، وأبي ثور، وأحمد في رواية رضي الله عنهم. وقال الزهري، قال أبو بكر بن عمرو بن حزم: ما أجد أحداً من المدينة قال في الأقراء خلافاً لما قالته عائشة، وقال أحمد: أنا أعمل فيها بقول زيد بن ثابت الأقراء الأطهار، ثم قال: أنا لا أحسن أفتي بشيء فتوقف. وروت عمرة عن عائشة (ق 42 ب) رضي الله عنها أنها قالت: إذا دخلت المطلقة في الحيضة الثالثة فقد برئت منه.
وروى سليمان بن يسار أن معاوية كتب إلى زيد بن ثابت في ذلك فكتب زيد: إذا طلقت المطلقة في الحيض الثالثة فقد برئت منه، وكان ابن عمر يقول: إذا طلق امرأته فدخلت من الدم في الحيضة الثالثة، فقد برئت منه وبرئ منها ولا ترثه ولا يرثها،